يأتي الإسلام فيقول للإنسان: إذا أتتك سكرات الموت، فاحرص على أن تموت على (لا إله إلا الله) يقول عليه الصلاة والسلام: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة} وهو حديث صحيح، لكن كيف؟ لا يثبت على لا إله إلا الله إلا مؤمن، ولا يقولها في سكرات الموت إلا مؤمن، {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:٢٧].
ذكر الذهبي المحدث الكبير: أن أبا زرعة المحدث رحمه الله حضرته سكرات الموت فأغمي عليه، فأراد تلاميذه أن يذكروه بلا إله إلا الله وهو مغمى عليه، ولكن استحيوا أن يقولوا له: قل: لا إله إلا الله، لأنه شيخ المسلمين.
قالوا: نتذاكر سند حديث لا إله إلا الله، فلو ذكرناه بالسند فسوف يتذكر المتن هو، فقال أحد التلاميذ: حدثنا فلان عن فلان -وهذا أبو زرعة يحفظ ألف ألف حديث مليون حديث- فاستيقظ وسمع السند، ولكنهم من هول المصيبة ومن هول الكارثة نسوا السند، فأخذوا يقولون: حدثنا فلان، فيقول الثاني: لا.
بل فلان، فاستيقظ وقال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا فلان، حدثنا فلان، عن معاذ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:{من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة} ثم مات بعد ذكر الحديث.
وأما ابن القيم فيلوم المارقين العابثين الماجنين السفهاء المغنين في سكرات الموت، يقول: قيل لسفيه معربد وهو في سكرات الموت: قل: لا إله إلا الله، قال: أين الطريق إلى حمام منجاب، قال: فمات عليها لأنه عاش عليها، ومن شب على شيء مات عليه، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩].
يقول أحد العلماء -وذكره ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل وشكر هذه الأبيات- يقول يخاطب الله:
وحقك لو أدخلتني النار قلت للذين بها قد كنت ممن أحبهُ
وأفنيت عمري في علوم كثيرة وما منيتي إلا رضاه وقربهُ
أما قلتم من كان فينا مجاهداً سيحمد مثواه ويحسن شربهُ
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم