نقول لأولئك: ذوقوا عذاب النار بما كنتم تفعلون وتأفكون، ورغمت أنوفكم يا أعداء الله، نحن في سند محمد عليه الصلاة والسلام وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى، وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وأنتم في سند إبليس وفرعون وقارون وهامان وأبي لهب وأبي جهل كما قال تعالى:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}[الشعراء:٢٢٧].
إذا علمنا هذا؛ فليحمد العبد الله عز وجل على أن جعله مبتلى في أرضه، فإنه زيادة في حسناته وفي أجره، ورفعاً في منزلته واتباعاً في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وليصبر على ما يأتيه، وليعلم أن قدوته الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
وينبغي للعبد ألا يطرق لأهل النفاق إلى نفسه، فلا يستزري نفسه ولا يحمًّل نفسه محامل لا تليق به، فيجعل الألسنة تتكلم فيه مثل: أن يلبس لباساً يزري به، ومثل أن يتكلم كلمات لا تليق بمثله، ومثل: أن يوقف نفسه في مواقف التهم، فإن أهل الباطل يريدون أن يجدوا طريقاً ومنفذاً فيجعلون من الحبة قبة، ويجعلون من المسألة الصغيرة كبيرة وفاحشة وجريمة، وهذا طريق ماض -كما أسلفت- ولله الحمد والشكر أنه قد عاد الناس إلى ربهم ومولاهم، وقد أقبل شباب وشيب ونسوة كثر إلى الله الواحد الأحد، علموا أنه لا نجاة لهم إلا في هذا الدين، ولا حبل ولا فلاح ولا صلاح إلا في اتباع سيرة محمد عليه الصلاة والسلام.
أصبح الناس الكثير منهم متوجه إلى الله، وهذا نصر من الله عز وجل لهذه الأمة، وهو وعده الذي وعد ألا يقطع دابرها بل يحفظها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، يوم تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:١١٠] فلك الحمد يا رب.
هناك بعض الأمور التي ينبغي أن أنبه عليها منها: أنه ينبغي على من اتهم أو جرح أو استهزئ به أن يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، وكما صبر محمد عليه الصلاة والسلام والصالحون من العلماء والزهاد والعباد، وإذا سمع كلمة نابية من جاهل فلابد أن يخاطبه بالسلام والهدوء والليونة كما قال تعالى:{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}[الفرقان:٦٣] وأن يتحمل الكلام المغرض وأن يعفو ويصفح، وأن يبدل مكان السيئة الحسنة، فيهدي هدية ويطلق وجهه البشوش عله يكسب هؤلاء؛ لأنهم مساكين ما عرفوا النور وما عرفوا الطريق، وما تذوقوا طعم الطاعة ولا حلاوتها، فيحاول أن يكسبهم ولا يعاديهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستهزئ به المستهزئون فيتبسم لهم، حتى قال الله تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران:١٥٩].