[العجب بحضارة الكافر]
السبب الثامن: العجب بحضارة الكافر: نحن الآن في هذا القرن لم نقدم للبشرية شيئاً، لا قدمنا الإيمان للناس، ولا قدمنا لهم من التكنولوجيا شيئاً.
أما الإيمان فانحسرنا نحن في أنفسنا، وعجزنا أن نستقيم على منهج الله، فكيف نقدم الإيمان للناس، أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام قدموا دين الله للناس ولم يكونوا يملكون وسائل، من الذي نشر الإسلام في أسبانيا؟
ومن الذي أوصل الإسلام إلى الهند؟
ومن الذي بلَّغ دين الله عز وجل إلى السند؟
من الذي أدخل لا إله إلا الله إلى كابل؟
ومن الذي نشر التوحيد في أفريقيا؟
إنهم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يكونوا يملكون طائرات، ولا سيارات، ولا هواتف، ولا أجهزة اتصال، ولا تسهيلات، ومع ذلك بلغوا دين الله عز وجل، ونحن نملك القدرات، ولكن عجزنا في أنفسنا أن نستقيم على منهج الله فضلاً على أن ندعو الأمم لمنهج الله، الأمم ينادوننا صباح مساء أن نعرض عليهم بضاعتنا من الإيمان، لكننا لم نفعل، وأما في عالم المادة فلم نقدم شيئاً، كل شيء عندنا مستورد حتى الطباشير ومساحة السبورة والفوانيس!!
نحن نعرف نأكل ونشرب ونرقد، ونغني ونرقص، أما أن نقدم للبشرية شيئاً فلا، فماذا قدمنا للبشرية؟
هم قدموا في عالم المادة وينتظرون منا عالم الروح، ولكن لم نفعل شيئاً، يقول الله عز وجل: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:٧] ويقول سبحانه: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل:٦٦] فالعجب بحضارة الكافر هو من أسباب الفتن، حتى وجد من هزيمتنا الروحية أننا نرى الخواجة فنعده كأنه ملك نزل من السماء إلا من رحم ربك.
الآن الاحترام المتبادل لأعداء الله كأنك إذا رأيته رأيت الحضارة والسمو والثقافة، وقد ركبت مع أحد الناس من أبناء هذه البلاد، وكان قد سافر إلى الخارج، وفي قلبه مرض وعقدة نفسية من البلاد، ويقول: إننا لا نزال متخلفين رجعيين، أنا رأيت الخارج ورأيت الحضارة، لكن نحن مظاهرنا غير حضارية، مثل ماذا عنده؟
مثل: لِبْسَتنَا هذه، يرى الزي هذا أنه مظهر غير حضاري، يرى أن نخلع هذه الغترة والطاقية ونمشي هكذا في الأسواق، لأنه يقول: العالم كله توحد على هذا الأمر وهو من المظاهر الحضارية، وهو في قلبه مرض، أن يجلس الرجل بجانب المرأة، يقول: أيأكلها إن جلس بجانبها! وأين الشريعة؟
لكنه نسي أنهم لما أتوا بالمظاهر الحضارية التي يزعم وقد رأيناهم نسوا منهج الله، أصبح الزنا عندهم بشكل رهيب، تعدٍ على حدود الله، أكل للربا، اختلاط للأنساب، الانفصام بالعلاقات الاجتماعية، والله إنك ترى السيارات بالمئات، ولا ترى ثلاثة في سيارة، وسألناهم ما السبب؟
قالوا: لأنه لا يوجد هناك علاقة بين الأسر، بينهم طلاق وانفصام وابتعاد، لأنهم لم يجدوا روح الإيمان.
أمن المناظر الحضارية أن تقوم المرأة في الصباح إلى الكلب وتغسله بالصابون وتجلسه بجانبها في السيارة؟!
أمن المناظر الحضارية أنك ترى الفتى يقبل الفتاة على الرصيف ولا يستنكر الناس؟!
أمن المناظر الحضارية أن تمر بعشرات الناس في الحدائق العامة يبولون وقوفاً؟!
أمن المناظر الحضارية أن ترى الواحد منهم لا يتطهر ولا يتطيب ولا يستنجي ولا يستجمر ولا يأخذ خصال الفطرة؟!
أمن المناظر الحضارية أن تراه يأكل كالكلب بيساره ويجلس الكلب معه على المائدة؟!
أمن المناظر الحضارية أن يمر عليه الشهران والثلاثة لا يغتسل من الجنابة؟!
لكن هذا الذي يعجب بحضارة المادة وينسى حضارة الروح، وقد سبق في بعض اللقاءات أني ذكرت قصيدة لـ محمد إقبال اسمها: " بحثت عنك يا رسول الله! في ألمانيا " محمد إقبال شاعر الهند وباكستان
هو لم يبحث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه شاعر متخيل مؤمن، ذهب يدرس الفلسفة وكان عنده دكتوراه في الفلسفة في بون، قال: بحثت عنك يا رسول الله! في ألمانيا فلم أجدك، وجدت السيارات والقاطرات والطائرات والبنات، ولكن ما وجدت الرحمة والعدل، أين أنت يا رسول الله؟
يقول: حضارة موجودة: سيارات وقاطرات وطائرات، لكن، ليس عندهم عدل، ولا رحمة، ولا حنان، ولا حب، ولا سلام انتحار وإزهاق للدماء، وزنا وربا، وبعد ذلك يعجب بهم بعض المفتونين من أبنائنا ويقلدونهم ويتشبهون بهم، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {من تشبه بقومٍ فهو منهم}.