[من التحديات التي تواجه الإسلام: زرع الخلاف في الصفوف]
ومما حوربنا به: زرع الخلاف في الصفوف، وتمزيق الكلمة بجزئيات ونحذر من بعضنا البعض ونقول دائماً: هؤلاء من جماعة كذا وهؤلاء من مشرب كذا وانتبه من هؤلاء سبحان الله! يحذر بعضُنا من بعض! أصبحنا كأننا على أناجيل متعددة! وأصبحنا كأننا في ديانات مختلفة!
والذي أراه أن الأصلح أن يقوم أهل العلم وقادة هؤلاء بالتفاهم في مجالس خاصة، لمعرفة الخلاف، والعودة إلى الكتاب والسنة، ومعرفة من هو المصيب من المخطئ، وعدم إثارة ذلك في المجامع العامة، وفي محافل لا تتحملها عقول الناس.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه:[[حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكَذَّبَ اللهُُ ورسولُه؟!]].
وقال ابن مسعود:[[إنك لستَ محدثاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان عليهم فتنة]] وجاء في صحيح البخاري أن عمر رضي الله عنه وأرضاه سمع في الحج وفي آخر حجة حجها قائلاً يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة أي: أنها صدفة، ولا يصح إطلاق الصدفة؛ ولكنها جاءت مفاجأة طارئة، ما رُتِّب وما أُعِد لها، وما كان أبو بكر متهيئاً لأخذ الخلافة، فالقائل هذا قصدُه حسن، وهو لا يتهم أبا بكر، فهو أحق الناس بالخلافة رضي الله عنه وأرضاه، لكنه يريد أن يقول: إنها جاءت طارئة، ففُهِمَت فهماً آخر، فقال عمر رضي الله عنه وأرضاه: لأقومن في الحجيج هذه الليلة فأتكلم لهم عن بيعة أبي بكر، وأشرح لهم ذلك، فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه، أحد العشرة، فقال: يا أمير المؤمنين! أنت مَن أنت -أي: في عقلك- وأنت إذا تحدثت في هذا المجمع كان فيه من الغوغاء والأوباش والسواد ما لا يفهمون كلامك فيوقعونه على غير مواقعه، فينتشرون به في الآفاق وقد غيَّروه، فتكون فتنة، فأرى أن تعود إلى المدينة فإذا وصلت إليها واجتمعت بعلية الصحابة في المسجد وبالمهاجرين والأنصار أخبرتهم وأنت على تمكن.
قال: أصبت يـ ابن عوف، أصاب الله بك الخير.
فعاد عمر، وألقاها في المسجد في مجتمع يفهم ما يقول.
فإثارة الخلاف ليست من الحكمة، وهو تحدٍّ موجود، وأكثر من يحرض عليه هم أهل الشهوات والشبهات في الساحة، بضرب التوجهات بعضها ببعض، وفي الأخير تخسر الدعوة الإسلامية وتهبط هذه المقدرات؛ لأننا إذا هاجمنا إخوتنا سوف نخسر ألوفاً مؤلفة، فأنت كلما تحدثت في جزئية قلت: العالم الفلاني فعل كذا، حسبنا الله عليه، أما تدري أن معهم ألوفاً مؤلفة في العالم الإسلامي؟! وهل من الحكمة أن تنتقدهم؟! لا.