للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مادة البذل بين الإخوة في الله]

بلغ بالصحابة الإخاء الذي أسسه محمد صلى الله عليه وسلم؛ أن يأتي سعد بن الربيع فيقول لأخيه في الهجرة والإسلام والإيمان، لا أخوة النسب، فيقول: عندي هذا المال وهذا البيت، وعندي زوجتان، أقاسمك المال، وأُطلِّق إحدى زوجاتي لتتزوجها، قال عبد الرحمن: [[بارك الله لك في مالك وأهلك دلني على السوق]].

فأي إخاءٍ بعد هذا الإخاءٍ؟ هل هي بسمة يجود بها أو جلسة أو شيء من طعام؟ المال والأهل يقاسمه وهو صادق.

أبو بكر في سقيفة بني ساعدة يريد أن يُعبِّر عن هذه المشاعر، بعد أن كاد الخلاف يودي بحياة الصحابة وحياة المجتمع، وأراد الأنصار أن يكون منهم خليفة ومن المهاجرين خليفة، وهذا خطأ، فلا يستوي سيفان في غمد، فحضر أبو بكر -وكان ملهماً موفقاً مؤيداً خطيباً فصيحاً فقام يشكر الأنصار على الأيادي البيضاء وحقوق الإخاء، فقال: يأيها الأنصار! جزاكم الله عنا خيراً، واسيتم وكفيتم وآويتم ونصرتم! والله يا معشر الأنصار! ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال طفيل الغنوي في بني جعفر:

جزى الله عنا جعفراً حيث أشرفت بنا نعلنا في الشارفين فزلت

هم خلطونا بالنفوس وألجئوا إلى غرفات أدفأت وأظلت

أبوا أن يملونا ولو أن أمنا تلاقي الذي يلقون منا لملت

أي إخاء هذا! الأم تمل أما الإخوة الصادقون فلا يملون، فهم على مذهب المهاجرين والأنصار.

<<  <  ج:
ص:  >  >>