الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للسنة فانقادت لاتباعها، وارتاحت لسماعها، وأمات نفوس أهل الباطل بالبدعة بعد أن تمادت في ابتداعها، وتغالت في نزاعها، والصلاة والسلام على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أشهد أن الله حق، وأن وعده حق، وأن النبيين حق، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق.
ومعنى:{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}[آل عمران:١٠١] أي: كيف تزيغون وعندكم الكتاب والسنة؟
وكيف تضلون وبين أظهركم الكتاب والسنة؟
إنه شيء عجيب مذهل، ونحن هذه الليلة مع آداب النبوة في الحلقة الثانية، مع المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يؤدب الناس بالأدب الذي أدبه الله به، فمع البخاري في مسيرته الرائدة الحافلة الموجهة، التي شقت طريقها ما يقارب أحد عشر قرناً في الأمة الإسلامية.
يقول رحمه الله تعالى في كتاب الأدب (باب صلة الأخ المشرك): حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: {رأى عمر حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله! ابتع هذه والبسها يوم الجمعة، وإذا جاءك الوفود، قال عليه الصلاة والسلام: إنما يلبس هذه من لا خلاق له، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل، فأرسل إلى عمر بحلة، فقال: كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت؟! فقال عليه الصلاة والسلام: إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن تبيعها أو تكسوها، فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم} هذا الحديث له قصة وفيه قضايا.