بقي في الحديث مسائل ولكن الوقت لا يكفي وهناك مسألة عظيمة من أعظم مسائل الحديث، وهي قوله عليه الصلاة والسلام:{وإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه} ثم قال: {ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة} أو {من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة} أسأل الله أن يجعل طريقكم هذا وجلوسكم هذا باباً من أبواب الجنة، فإنه قد يكفر بجلسة واحدة الخطايا والذنوب، ولذلك قال عطاء:[[مجلس الذكر يكفِّر سبعين مجلساً من مجالس اللغو]] يعني: مجالس الذنوب.
فهذا المجلس أو الجلسة الواحدة يكفر الله بها الذنوب أو الخطايا ويكفي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:{هم القوم لا يشقى بهم جليسهم} قال ابن رجب: {ومن سلك طريقاً يلتمس به علماً} قال: إما يلتمس بالمعنى أو يلتمس بنفسه كأن يذهب إلى حلقات الذكر، إلى محاضرات الخير والدروس العلمية، لأنه ليس العجيب أن نسمع إلى الدروس العلمية أو أن نحفظها، أو أن نسمع حديثاً أو نحفظه، لأنه كان بالإمكان أن يقرأ كثير من الناس رياض الصالحين وهو في البيت أو يقرأ صحيح البخاري وصحيح مسلم وهو جالس على أريكته في البيت، ليس هذا هو سر الإسلام ولا سر العلم عند السلف الصالح، بل السر أن يجتمع السلف في بيت من بيوت الله، فيسمعون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ويسمعون (قال الله، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم){فيباهي الله بهم الملائكة، وتتنزل عليهم الرحمة، وتغشاهم السكينة، وتحفهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده} وإلا فإن الإنسان قد يقرأ أكثر من هذه الأحاديث، لكن وحده قد لا يحصل على مثل هذه الأجور، واجتماع القلوب سبب في إجابة الدعوة، وأغيظ ما يكون لأهل الباطل وأهل البدع مثل هذه المجالس، فهم يموتون منها.
فمن سلك طريقاً يلتمس به علماً يريد به وجه الله جعل الله هذا الطريق سبيله إلى الجنة، وجعله في حفظه ورعايته.
قال أهل العلم: الجلوس في مجلس العلم أفضل من الصلاة النافلة، ومن قراءة القرآن.
فمن جلس في المسجد أو وقف يصلى ويركع ويقوم فمن جلس هنا أفضل منه بلا شك ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم:{أنه عليه الصلاة والسلام دخل وإذا بحلقتين في المسجد قوم يسبحون ويستغفرون وقوم يتدارسون حديثه والعلم، فقال: أما هؤلاء فيدعون الله فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وهؤلاء يتعلمون فإنما بعثت معلماً ثم جلس معهم}.
وورد عند الطبراني:[[لئن أتعلم حديثاً واحداً أو باباً من أبواب العلم خير من أن أصلي مائة ركعة]] قال الإمام أحمد: سماع الحديث وقراءة الحديث خير عندنا من الصلاة النافلة، وقال الشافعي: الجلوس في مجالس العلم خير من الصلاة النافلة.
أسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالى كما جمعنا في هذا المجلس أن يجمعنا في مستقر رحمته سُبحَانَهُ وَتَعَالى في جنة النعيم عنده على سندس خضر، وأن يجعلنا من الذين يرون وجهه يوم الزيادة إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم، وأن يجعل هذه المحاضرات والدروس والكلمات في ميزان الحسنات، وأن يجعلها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى مذكورة عنده.