للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نصيحة لمدراء الأعمال]

السؤال

كيف ينصح الشخص الذي يعمل تحت إدارته مجموعة من الناس، حيث إن الشيطان يوسوس له، فيشعر بالعظمة والكبرياء، على أساس أنه نوع من أنواع السيطرة في العمل؟

الجواب

أولاً: عليه أن يتقي الله عز وجل، ويتذكر الموت، ويعرف أنه عبدٌ حقيرٌ فقير، ليس عنده شيء من القدرة ولا من أسباب القوة، فلماذا يتكبر على الله سبحانه وتعالى؟!

فعليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وعليه أن يهضم نفسه، فإذا كان من عادته أنه إذا سُلِّم عليه أنه يعطيه يده وهو جالس، فليهضم نفسه فيقوم، ويرد عليهم، وإذا دخلوا وكان من عادته أن يقطب وجهه؛ فعليه أن يلتفت؛ لأنهم يقولون: إذا قطب الإنسان وجهه تحركت فيه تسعة عشر عضلة، وإذا ابتسم تحركت فيه عضلة واحدة فقط، فلذلك يُوفر ثماني عشرة عضلة.

ولذلك يقول محمد قطب في كتاب النفس والمجتمع: لا تكلفك الابتسامة لا درهماً ولا ديناراً، ولا تكلفك حتى تسديد فواتير، إنما تحدث لك قلوباً وتكسب أرواحاً وإخواناً في الله عز وجل.

وعمر رضي الله عنه شعر مرة من المرات بطائف من العجب، ما دخل قلبه: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:٢٠١] فشعر بشيء من العجب! أي: داخله الشيطان، وقال: أنت أمير المؤمنين! وقد كنت راعي غنم في الجاهلية، وأصبحت الآن الأقطار كلها تعود إليك، قال: الصلاة جامعة، عليّ بالناس! فاجتمعوا، فلما أصبحوا ملء المسجد؛ ووقف على المنبر، وقال: أيها الناس! هل تعرفونني؟ قالوا: نعم.

قال: من أنا؟ قالوا: أنت أمير المؤمنين! قال: [[كان اسمى في الجاهلية عُميراً، كنت أرعى لبني أبي معيط غنمهم على حفنة من التمر، فأكرمني الله وهداني وأرشدني فأصبحت فيكم خليفة]] فلما نزل قال له ابنه عبد الله يا أبتاه! فضحتنا هذا اليوم، كيف جمعت الناس ثم ألقيت هذه الخطبة؟ قال: إن نفسي حدثتني بشيء من العجب، فأحببت أن أكسرها، فهكذا المجاهدة؛ على الإنسان أن يُمرِّن نفسه أنه إذا كان هناك اجتماع أن يقول: دعوني أسكب الشاي، لكن بعض الناس لا يرضى بذلك، حتى إن بعض الناس كان يتكلم في مجلس من المجالس، فقال: أيها الناس! اعملوا عملاً صالحاً، والله إن الإنسان لا يضمن لنفسه الجنة مهما عمل، حتى أنا ما ضمنت لنفسي الجنة.

ورد في ترجمة أبي هريرة أنه أخذ حزمة من الحطب، فحملها ومشى في السوق وكان السوق مزدحماً، فقال: افتحوا للأمير طريقاً.

كان أبو هريرة أمير المدينة، فقالوا: لماذا يا أبا هريرة؟

قال: أعجبتني نفسي وكنت فقيراً من آل دوس معي أمي، نزلنا المدينة ولم نجد كسيرة حتى كدت أسقط من الجوع، وأصبحت الآن أميراً، فحدثتني نفسي فأردت أن أكسرها، فالكسر له طرق وأسباب وعلاجات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>