للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بث النبي صلى الله عليه وسلم روح الألفة والإخاء بين الناس]

والأسلوب الثالث الذي فعله صلى الله عليه وسلم في الأمة أنه بثَّ روح الأُلفة والإخاء، وروح التواد في الناس، يقول الله له: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:٦٣] والعرب كقرون الثور كلما كسرت قرناً ظهر لك قرن، العرب قبل الإسلام كانوا قتلة متمردين مشاغبين لا يجمعهم ملك ولا إدارة، ولا حضارة ولا ثقافة، فلما جاء عليه الصلاة والسلام وحَّد بين القلوب.

فجعل أبا بكر! أخاً لـ بلال الحبشي، وجعل عمر القرشي أخاً لـ صهيب الرومي، وعثمان العبشمي! أخاً لـ سلمان الفارسي، فاجتمعت والله القلوب.

فمهمة الأستاذ أن يجمع هذه الأرواح تحت مظلة لا إله إلا الله.

إن كيد مطرف الإخاء فإننا نغدو ونسري في إخاء تالد

أو يختلف ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد

أو يفترق نسبٌ يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد

إي والله! ليست مبادئ أبي جهل، ولا أبي لهب الذين وقفوا عند الركن والحطيم وزمزم فكفروا بلا إله إلا الله، فأدخلوا النار، أما بلال فأتى من أثيوبيا (الحبشة) يحمل لا إله إلا الله، فدخل الجنة.

دين أساسه التقوى، وفاعليته لا إله إلا الله، ومظلته الإخاء، هذا أمر لا يغيب، والأساتذة يوم يخرجون من بيوتهم متوضئين قاصدين بعملهم وجه الله، متوكلين على الله -الله أكبر! - كم يجعل الله على أيديهم من الفتوح؟! الله أكبر كيف يغرس الله بأيديهم شجرات الإيمان؟! الله أكبر كيف تلين لهم القلوب وتنقاد لهم النفوس؟! الله أكبر كيف يجعل الله عز وجل هداية الأجيال على أيديهم؟! هذا في جانب الأساتذة؛ القدوة والأسوة، وضع التكلف، ومعرفة الأمانة وحمل الرسالة، وبث الإخاء وغرس الإيمان، وهذا لا يخفى عليهم إن شاء الله أبداً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>