[نشره كتب الحديث ورفعه لمكانة المحدثين]
المسار الرابع في حياته: أنه رضي الله عنه وأرضاه نشر كتب الحديث وجعل للمحدثين مكانة في الإقليم، وأمر العلماء أن يقلوا من الخلاف، وكان يردد الكلمة المشهورة، وقد رددها ابن تيمية في رفع الملام عن الأئمة الأعلام فكان نور الدين محمود يقول: من عبد الله على مذهب أحمد فقد أصاب، أو مذهب أبي حنيفة، أو مذهب مالك، أو مذهب الشافعي، وكل يقصد الخير، فانظر إلى حسن فطنته، وإلى عقله وتمام رويته، جمعنا الله به في دار الكرامة.
فهذه معالم من سيرة نور الدين محمود الذين يتعرض أبناء عمومته الأكراد أهل السنة إلى هجوم من الحزب الكافر: حزب البعث، وإبادة تامة، فنسأل الله أن يرفع عنهم هذه الضائقة وأن ينصرهم على عدوهم، وإنها والله لعبرة لنا أن نعتبر، والله عز وجل قد تكفل بنصر هذا الدين {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩].
فهذا الدين ينصر على يد من والى الله عز وجل، فإن بلالاً عبد حبشي جعله الله من أنصار دينه، وأبو طالب أصله قرشي ولكنه أعرض عن لا إله إلا الله، وسلمان فارسي وصهيب رومي، ولكن أقرب الناس إلى الله أحبهم إليه بطاعته، ولا يقترب أحد إلا بنصر هذا الدين.
فانظر إليه كيف كان عجمياً تركياً ولم يكن عربياً، ثم تحمس للإسلام وتفقه في الدين، ورفع القرآن ونصر إياك نعبد وإياك نستعين، وأكرم أهل العلم وأذل أهل الكفر والبدع، ونفى الفساد، وأقام العدل والجهاد، فأصبح مرفوع العماد، ومذكوراً بين العباد على مر الأعوام والأيام والآماد: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} [يوسف:١١١].
ونسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما سمعنا، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، وإنما المقصود من سير هؤلاء أن نتعلم ونأخذ منهم ما تركوا لنا من علم وأدب وتواضع وحلم، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {من تشبه بقوم فهو منهم} ويقول الله عز وجل: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧] وكان صلى الله عليه وسلم يقول: {المرء يحشر مع من أحب} فنشهد الله عز وجل وملائكته وحملة عرشه، ثم نشهدكم أننا أحببناه وأحببنا الصالحين، فنسأل الله أن يجمعنا بهم في دار الكرامة.
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا
أيها الإخوة الكرام: بقي مسألتان، المسألة الأولى: حفظكم الله تعلمون أنه قد قرب وقت إخراج زكاة الفطر وهناك الهيئة العامة للإغاثة الإسلامية، وفقها الله والقائمين عليها تتلقى زكاة الفطر، وعنوانها معروف عند الإخوة حتى تدفعوا إليها زكاتكم، وفيها فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
الأمر الثاني: أمامكم مشروع عظيم، والواجب علينا جميعاً أن نشارك فيه، وهو والله فخر لهذه البلاد وفخر لنا جميعاً، وهو ما أوجب أن يمكن أن يدفع فيه المال، الجماعة الخيرية لتحفيظ كتاب الله تتحرى منكم الدعم، هذه الليلة وبعد هذه الليلة، وسوف تقوم بمشروع عظيم، بناء واسع للجماعة، وفيها مسجد، وفيها صالات، ومكتبات ودور وفيها أمكنة لطلبة العلم، تحمل الشهادة لكم بأنكم أنفقتم في سبيل الله، ولا يقول قائل منكم إني دفعت بالأمس، أو قبل أمس، لا.
بل: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:٩٦] {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:٢٦١] إلى التبرع هذه الليلة، بدعم سخي، على ما عودتم أنفسكم بهذا البذل، وأنا أسأل الله عز وجل لي ولكم التوفيق والهداية.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.