أتى عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول لما مات أبوه المنافق؛ عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، وحربة الحاسدين الناقمين على الإسلام، فقال:{يا رسول الله، أعطني قميصك حتى أكفن أبي فيه} وأبوه عدو للإسلام، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام تقديراً لابنه المسلم المؤمن، أعطاه قميصه، فكفن هذا المنافق فيه، جزاءً لابنه وإكراماً له.
فاستدل به البخاري وأمثاله على أن القميص لا بأس به على أن يكون كفناً، وحمل هذا المجرم إلى القبر، وقام عليه الصلاة والسلام يصلي عليه، فأتى عمر أمامه قال:{يا رسول الله، تصلي على عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين؟!! قال: دعنا يا عمر.
قال: يا رسول الله كيف تصلي عليه، أما فعل كذا، أما فعل كذا، أما فعل كذا، كيف تصلي عليه، وقد قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:٨٠]!! قال عليه الصلاة والسلام: دعنا يا عمر والذي نفسي بيده لو أعلم أن الله يغفر لهم بعد السبعين لاستغفرت لهم بعد السبعين} فلما صلى أتى العتاب من الله عزوجل إليه عليه الصلاة والسلام، وقال:{وَلا تُصَلِّ عَلَى أحد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}[التوبة:٨٤] فجعلها صلى الله عليه وسلم خاتمة عمله في هذه المسألة أن لا يُصلي على من علم نفاقه، وكفره، وضرره على الإسلام والمسلمين.
والشاهد في هذا التكفين بالقميص.
ويقولون ابن المبارك رضي الله عنه وأرضاه المحدث الزاهد العابد كان له ثوب يصلي فيه دائماً، وكان يصلي فيه صلاة الليل، فلما حضرته الوفاة قال: كفنوني في ثوبي هذا؛ فإني قد صليت فيه لله كثيراً، وكنت أقوم فيه الليل.
وابن القيم له كلام في مدارج السالكين، يقول:" إن آثار الصالحين لها أثر على الصالحين؛ كثياب الصالحين، وعمائم الصالحين، وأحذية الصالحين، قال: حتى ترى وسام الصلاح عليها.
وكذلك الفسقة؛ تعرف ثيابهم، وتعرف عمائمهم مما عليها من الفجور والفسق، وهذا أمر يعلمه أهل التقوى، وأهل الفراسة الإيمانية ".