معنى قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً)
قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً} [البقرة:٢٢] سمى الله الأرض: فراشاً وذلولاً وقراراً ومهاداً وهذه هي أسماء الأرض.
(فقراراً) مستقرة لأرزاقكم وخلقكم.
و (مهاداً) أي: مستوية لا تتعبكم.
و (ذلولاً) أي: تركبونها وتمشون في جنباتها وتطلبون رزق الله، فهي قرار بالجبال، وهي تدور كما قال بعض أهل العلم -وهو الصحيح- وهذا لا يتعارض مع معتقداتنا، كما يقول بعض الناس: الأرض لا تدور وألفوا في ذلك رسائل.
بل هذا يزيدنا إيماناً بقدرة الباري سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن جعل الأرض تدور حول الشمس، وليس هناك آية تثبت أن الأرض لا تدور قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً) [غافر:٦٤] فإنها قد تكون قراراً، وهي مع ذلك تدور، ولا ندخل في هذه المتاهات، إنما إذا ثبت في العلم التجريبي أن الأرض تدور فما المانع من قدرة الواحد الأحد أن جعلها تدور وتتحرك، وأن الناس على ظهرها، فسبحان الباري تبارك وتعالى!
أما من قال: إن هذا شك في المعتقد، فلا.
فهذا كلام بعيد، بل لها أن تدور أو لا تدور.
بعض الناس تكلم وعنده خير، وإنما أراد أن يرد رداً منطقياً والردود هذه لا تكون إلا بدارسة، فتراه يقول: سبحان الله! كيف تدور وأنا في قريتي منذ خلقني الله، ولم تدر القرية من مكانها.
فهو يظن أن قريته تذهب مثلاً: من أبها إلى القصيم، أو تذهب إلى الطائف، لا.
هي ثابتة كالكرة تدور والنقاط التي على سطح الكرة باقية، المقصود أن هذه ليست بردود، وقد جاء العلم بهذا وهو لا يعارض سياق القرآن والحمد لله.
لكن على كل حال المسألة فيها سعة كما يقول الأستاذ علي الطنطاوي في كتاب المسلمون وعلم الفلك، والكتاب للصواف يقول في المقدمة: أثبت الصواف أنها تدور، ورد عليه العالم الفاضل الفلاني بأنها لا تدور، وأنا تدخلت للإصلاح بينهما فـ للصواف أجران لأنه اجتهد وأصاب، وللشيخ الثاني أجر لأنه اجتهد وأخطأ ولي أجر لأني تدخلت.
فالمقصود: أن هذه لا تضر والحمد لله، والأمر أسهل من ذلك، لكن يحدث الناس بقدر ما عندهم من استعداد، فلا يذهب إنسان إلى بادية فيحدثهم عن الدوران فيقولون: من أين أتى بهذا الكلام؟
فلا يحدث الشخص قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كانت عليهم فتنة.