[النبي يوصي عبد الله بن خبيب بسورة الإخلاص]
كان يحب أن تكون آخر كلامه صلى الله عليه وسلم قبل أن ينام.
في السنن ومسند أحمد: عن عبد الله بن خبيب، قال: {كنت أمشي في ظلام، وكان صلى الله عليه وسلم وراءه- ولا يدري أن المعلم والشيخ وراءه في الظلام- قال صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله بن خبيب! قلتُ: لبيك وسعديك يا رسول الله}.
وانظر إلى الشباب المتفتح، وإلى الكتيبة الخالدة، وفتيان محمد صلى الله عليه وسلم، كان الواحد منهم إذا ناداه في المعركة يقول: لبيك، فيقدم رأسه ودمه رخيصاً كالتَّفْلَة في الأرض.
{فقال: لبيك يا رسول الله، قال: (قُلْ) قلتُ: ماذا أقول يا رسول الله؟ قال: (قُلْ) قلتُ: ماذا أقول يا رسول الله؟ قال (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثلاثاً إذا أصبحتَ، وثلاثاً إذا أمسيتَ لا يضرك شيء} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
معنى ذلك: أنها حرز حريز، وأنها حياطة من الله وسياج، فلا يضرك معها شيء.
وإذا قلتها بعقيدة في الصباح، فمن ذا الذي يضرك، إذا أراد الله ألا يضرك أحد فمن ذا الذي يضرك.
وعن وهب بن منبه وقد ذكر ذلك ابن كثير وغيره -: أن الله عز وجل يقول في الحديث الصحيح القدسي: {وعزتي وجلالي، ما من عبد اعتصم بي، فكادت له السماوات والأرض، إلا جعلت له من بينهن فرجاً ومخرجاً} أسمعتم؟! من الذي يقسم؟ الله! {وعزتي وجلالي ما من عبد اعتصم بي، ثم كادت له السماوات والأرض ومن فيهن، إلا جعلتُ له من بينهن فرجاً ومخرجاً، وعزتي وجلالي ما من عبد اعتصم بغيري، إلا أسخت الأرض من تحت قدميه}.
فالأذلاء الحقراء هم الذين يعتصمون بغير الله، والخونة العملاء هم الذين يلتجئون لغير الله، أما المؤمنون الشجعان فهم الذين يفوضون أمرهم إلى الله قال تعالى: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر:٤٤ - ٤٥].
ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:٣٦].
وقال تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران:١٧٤].
وكان عليه الصلاة والسلام يحب أن يرددها كثيراً، ويقرأها، ويتأملها، وأن يعيش معها، ولكن تعالوا الآن لنعيش مع مفرداتها، وجملها الرائعة البديعة، التي هي تثبت -صراحةً- أن هذا القرآن ما كان له أن يُفْتَرى من دون الله، ومن غير الله ما يُسْتَطاع، وأن من معجزاته أنه ما يُنْظَم على نفسه، ولا يُوْصَل إلى قدره، ولا يُرَتَّل مثله أبداً، لا من شاعر، ولا من كاتب، ولا بليغ، ولا خطيب، أو عالم، أو مفكر.
هذه مسألة.