[ما صحة حضور ابن مسعود مع النبي إلى الجن؟]
هل حضر ابن مسعود ليلة الجن؟
قلنا لكم: إن ابن مسعود قال في سنن الترمذي: أتيتُ بإداوَة، وطلب صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ، فقلتُ: فيها نبيذ، فقال: {ثمرة طيبة، وماء طهور} فتوضأ صلى الله عليه وسلم، وقال في صحيح مسلم: {ما كان أحدٌ منا مع الرسول عليه الصلاة والسلام}.
فكيف نجمع بين الحديثَين؟
نقول: حديث الترمذي حديث ضعيف، ليس بصحيح، في سنده: أبو زيد العِمِّي، وهو رجل مجهول الحال، وقيل: مجهول العين، ولم يصح.
وهذا دليل الأحناف، حيث استدل الأحناف بهذا الحديث الضعيف، على جواز التوضؤ بالنبيذ، سواء النبيذ أو ما في حكمه من الطاهرات، فإذا مَرَسْتَ التمر في الماء الحار، وأصبح نبيذاً تشربه فلك أن تتوضأ به، وعندهم يجوز لك أن تتوضأ -بإذن الله- بـ (اللبن) فإذا لم تجد ماءً فإنه يجوز لك أن تأخذ علبة من ألبان مراعي -بحفظ الله ورعايته- وتتوضأ بها، وتأتي أبيض يوم تبيض وجوه وتسودُّ وجوه، وإذا لم تجد لبناً، جاز لك أن تأتي إلى الماء الطاهر في (الميراندا) أو (البيبسي) فتتوضأ به أو تغتسل؛ لأنها من الطاهرات، أو تبرد لك (الشاي) ثم بعد أن يبرد تتوضأ به، وتستاك به بعد أن تتمضمض وتستنشق وتستنثر.
هذا عندهم.
لماذا؟ لاستنادهم على هذا الحديث.
وابن مسعود كوفي، والحديث عندهم وصل؛ ولكن أهل الحديث قالوا: لا.
فالحديث ليس بصحيح.
والله عز وجل يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء:٤٣].
فالماء في اللغة: كل ما أطلق عليه ماءً، بمعنى الماء، أما (اللبن) و (الشاي) و (العطر) فهذه كلها ليست بماء.
فلا نقول: هو طاهر؛ لأنه ما مسته نجاسة؛ لا، بل نقول: ليس بماء، فأنت إذا لم تجد ماءً فتوكل على الله وتيمم؛ لأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ما أحالنا إلى غير التيمم، إنما قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء:٤٣].
أما حديث ابن مسعود، فقد قلتُ لكم: إنه ضعيف؛ لسببين:
الأول: في سنده لـ أبي زيد العِمِّي.
الثاني: لأن ابن مسعود يقول في صحيح مسلم، لما سئل: {هل كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ منكم ليلة الجن؟ قال: لا.
ما كان معه أحدٌ منا} فلْيُعْلَم ذلك.
واعلموا أن النبيذ لا يُتَوَضَّأ به، ولو أن بعض الأحناف وكثيراً منهم يقولون ذلك، وهذه مسألة مرجوحة.