[إبراهيم بن أدهم توبته وتواضعه]
إبراهيم بن أدهم زاهدٌ، عابدٌ، قال بعض أهل العلم: " كان أميراً من أمراء خراسان، وكان عنده خيل، وجمال، ودنيا كثيرة، نزل إلى السوق - وبعض الناس طيب على الفطرة حتى ولو كان فيه معاصٍ- فوجد ورقة في السوق مرمية، مكتوب عليها: (الله) اسم الجلالة.
لا إله إلا الله! انظر إلحاد العالَم اليوم! ماذا فعل الملحدون؟! كتبوها على بعض الأحذية، وقد أشرنا إليها في بعض الدروس والمحاضرات، عليهم لعنة الله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} [الكهف:٥].
-وهنا استطراد-: وقد سمعت من الشيخ كشك قبل أيام خطبة جيدة في هذا، أحضر ورقة نخل معه في المسجد، مكتوب عليها بالخط الذي خطته قدرة الواحد الأحد: (الله) النخلة كتبت على نفسها في وجهها: (الله) وفي قفاها: (الله) بالخط الكوفي الجميل، وما خطه إلا الواحد الأحد، وربما تكون من الآيات، وهي من آيات الواحد الأحد.
انظر لتلك الشجرة ذات الغصون الناضره
كيف نمت من حبة وكيف صارت شجره
من ذا الذي قومها حتى استقامت شجره
ذاك هو الله الذي قدرته مقتدره
ذو قدرة باهرةٍ وحكمة منتشره
تبارك الله رب العالمين، النخلة تسبح بحمد الباري، لكن الشاهد هنا: أن إبراهيم بن أدهم وجد الورقة مكتوب فيها: (الله).
قال: " سبحان الله! يدوسون اسم الحبيب؟! " فأخذ الورقة، وذهب إلى بيته، وأخذ طيباً بدينار، ثم غسل الورقة، وطيبها، ورفعها، فنام تلك الليلة قَرِيْرَ العَين قال: " فسمع قائلاًَ يقول: يا من رفع اسم الله! ليرفعن الله اسمك "، وهذا لا معارضة فيه مع النصوص فالقصة توافق النصوص، ولا تعارضها، فرفع الله اسمه، وتاب، وأصبح زاهداً، عابداً من الصالحين.
تواضعه يظهر في قصص منها: أنهم قالوا: " خرج مرة من المرات - وهو عابد - فمر تحت بيت من البيوت، فخرجت امرأة برماد في صحن فرمته من على البيت، وما عَلِمَتْ أن إبراهيم بن أدهم أسفل، فتلطخ بالرماد، فاجتمع أهل الحي وقالوا لها: حسيبنا الله هذا إبراهيم بن أدهم، فأخذ يقول: " لا عليكم، لا عليكم، إذا صُولِحتُ على الرماد فيكفيني، إني أخاف أن أدخل ناراً تلظى "، يقول: إذا كانت المسألة مسألة رماد فالأمر سهل، لكني أخاف من جمر في الآخرة، حتى يذكرون العبارة عنه، يقول: " إن من استحق النار، ثم صُولِحَ على الرماد لهو رابح "، يقول: من نازله الله إلى أن أعطاه الرماد بدون جمر، وبدون نار، فحالته طيبة إن شاء الله.