[دوران الأرض والصعود إلى الفضاء]
السؤال
هل الأرض تدور أم أنها ثابتة؟ وهل نصدق قول الكفار أنهم صعدوا الفضاء؟
الجواب
هذه مسألتان: مسألة هل تدور الأرض أو لا تدور، ومسألة هل صعد الكفار إلى الفضاء.
الظاهر أنهم صعدوا الفضاء ووصلوا إلى سطح القمر، وهذا معروف، لكنني قرأت للمالكية والحنابلة والشافعية والأحناف، فما قالوا بدوران الأرض، وأنا أتوقف كما توقفوا، والذي يظهر والله أعلم أنها تدور، وهذا الذي تكلم به أهل العلم، أما أن يأتي طلبة العلم فيدخلون أنفسهم في كل قضية، فكلما أتت نظرية وطرحت في الساحة، قاموا إليها ونشروها ثم تكلموا فيها، وفي بكرة النهار تأتي قضية تعاكسها أو نظرية تنكسها فنقول: عدنا كما عادوا وتبنا كما تابوا!
القرآن لا يعرض هكذا للناس رداً وأخذاً وعطاءً ومضادةً، لا! ولذلك سيد قطب رحمه الله يقول قاصداً طنطاوي جوهري صاحب كتاب الجواهر في التفسير: حمل القرآن ما لم يتحمل، القرآن نزل كتاب هداية.
وأبو الأعلى المودودي له كتاب كيف تقرأ القرآن، وهو كتاب فذ من أحسن ما كتب، يقول: أولاً: أزل من ذهنك كل تصور عن القرآن أنه كتاب تاريخ فليس بكتاب تاريخ، وليس بكتاب جغرافيا، وليس بكتاب هندسة ولا كتاب طب، لكن القرآن كتاب هداية.
بعضهم يدعي أنه أخذ من القرآن أن المثلث زواياه ثلاث.
قلنا: من أين يا بركة الزمان؟!
قال: من قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} [المرسلات:٣٠ - ٣١] أين هذه من هذه؟!
ذهبتْ مشرقةً وسرتَ مغرباً شتان بين مشرقٍ ومغربِ
قال آخر: الخط المستقيم أقرب موصل بين نقطتين.
قلنا من أين؟
قال: من قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:٦] إلى آخر تلك الأقوال فحمل القرآن ما لم يتحمل؛ لأن القرآن والسنة إذا عرضا لهذا، كانا في مهب الهواء.
فأما الدوران فهو الأقرب، لكنني لا أعرف أن القرآن يدل عليه إثباتاً أو نفياً، لأن القرآن كتاب هداية، فأهل الطب يبرعون في الطب، والهندسة يبرعون في الهندسة، أي: اسق الناس الإيمان ثم اتركهم، وسوف ترى كيف تؤتي شجرة الإيمان أكلها كل حين بإذن ربها، أدخل في قلبه الإيمان ثم ترى الصحفي يكتب بإيمان، والشاعر يلقي قصيدة بإيمان، والمهندس ينفع المسلمين بالإيمان، والطبيب يخدم الإسلام بالإيمان، أما مسألة الإيمان، فقد أتى القرآن يقول: خذ الإيمان، أما هذه الوسائل فلا، بل تترك للبشر.