وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار أصحابه في الأقاليم وفي البلدان التي أرسل فكثيرة تفوق الحصر، فقد روى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أرسلهم إليها، خبيب بن عدي ومن معه، واستأسره الكفار، ودخلوا بـ خبيب بن عدي، وهو صاحب خشبة الموت، وأول من سن ركعتين عند الموت خبيب بن عدي رضي الله عنه وأرضاه، وأول من أنشد عند الموت خبيب بن عدي، وأول من ألقى دعاءً على الخشبة خبيب بن عدي، فاستأسره كفار مكة، فذهبوا به إلى غرفة، وأغلقوا عليه، ومنعوه من الطعام، فكان إذا جاع، يأتيه ملك من السماء بعنقود عنب، فيأكل حتى يشبع، فخرجوا به إلى ضاحية مكة، فنصبوا له المشنقة، يريدون إعدامه، والكفار مجتمعون حوله، قال: أنظروني أصلي ركعتين؟ قالوا: صل، فصلى ثم سلم، وقال: والله الذي لا إله إلا هو لولا أن تظنوا أن بي جزعاً لطولت الصلاة، فرفعوه على خشبة الموت، قال: اللهم! احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، ثم أنشد، ومن ينشد في الموت؟! أما خبيب بن عدي فقال:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
بارك الله فيه وفي أشلائه، ثم قال: اللهم أخبر رسولك ما نلقى الغداة، يقول: بلغ رسولك منا السلام، وأخبره ماذا لقينا، فقال صلى الله عليه وسلم، وهو في المدينة، وذاك في مكة في نفس اللحظة والوقت والزمن: عليك السلام يا خبيب! عليك السلام يا خبيب! عليك السلام يا خبيب!