للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تحمله الجوع ليشبع المسلمون]

هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يقول عام الرمادة: والله لا أبتل في سمن ولا آكل سميناً حتى يجلي الله الكربة عن المسلمين؛ يأتي يوم الجمعة يخطب الناس، فيقرقر بطنه على المنبر من الجوع، فيقول لبطنه ويضرب عليه: [[قرقر أو لا تقرقر، والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين]].

حسبي وحسب القوافي حين أرويها أني إلى ساحة الفاروق أهديها

يا رب هب لي بياناً أستعين به على حقوق العلا قد نام راعيها

عمر رضي الله عنه وأرضاه يبلغ من حنانه وبره إلى أن يسأل عن الأطفال ماذا أكلوا وشربوا، وكيف ناموا؟ ثم يواصل استقصاءه للحقائق ليرتاح، فرضي الله عن ذاك الإمام الذي علَّمه صلى الله عليه وسلم الرحمة، وعلَّمه كيف يعيش مع الناس بالرحمة، وعلمه كيف يكون رحيماً بالناس؟

إنها الرحمة التي علَّمها صلى الله عليه وسلم أصحابه، ومن لا يرحم الناس لا يرحمه الله، وكثير من البطون اليوم تشبع، وما عليها أن يجوع آلاف المسلمين، وتكتسي بأشرف الملابس، وأرقى المعطيات، وما عليها ممن عري من الناس، وتسكن قصوراً شاهقةً والناس ينامون على الأرصفة؛ لأن الرحمة ما سكبت في القلوب كما أرادها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.

والتراحم الذي يريده الله عز وجل هو التراحم والتواد بين المؤمنين، وأوله أن تلقى المؤمن وأنت تود له ما تود لنفسك، وهذه ضاعت من أوساطنا إلا ممن رحم الله.

بعضنا لا عليه أن يسعد ولو شقي الناس، ولا عليه أن يجوع الناس إذا شبع، ولا عليه أن يتعب الناس إذا ارتاح، فأين الرحمة التي أرادها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>