للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الطعام عند حضور الصلاة]

المسألة الرابعة عشرة: الطعام عند حضور الصلاة: ما هو الحل إذا حضرت الصلاة وحضر الطعام؟

من السنة إذا أَذَّن المؤذن أن ينتظر قليلاً، ليفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمتوضئ من مدخله، لا يؤذن ثم يقيم مباشرة، لكن يؤذن ثم يقف لحظات حتى يأتي المسلمون، الدليل على ذلك حديث جابر عند الترمذي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ بلال: {إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك بمقدار ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والداخل من دخوله} أو كما قال صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث رواه الترمذي وفي سنده عبد المنعم بن نعيم البصري وهو متروك، فضعف به الحديث.

وأما إذا حضرت الصلاة فابدأ بالطعام قبل الصلاة، بشرط ألا يكون هذا من الحيل المذمومة، يجعل الإنسان قدره في وقت الأذان، فإذا سمع الله أكبر، أنزل القدر وحول، وقال: الله المستعان حبسنا عن الصلاة التي تعادل أجر الجماعة سبعاً وعشرين مرة، لكن الطعام حضر، والله يعلم السر وأخفى، يعلم أنه وقَّت ليكون حاجباً له عن الصلاة، هذا لا يجوز وهذه حيلٌ باطلة وتلاعب: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء:١٤٢].

لكن إذا حضر في بعض الأوقات فلقول أنس: [[إذا قدم الطعام فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب]] هذه رواية الصحيح؛ لأن الصحابة أو كثيرٌ منهم كانوا يأكلون قبل صلاة المغرب.

وهناك أمور في الدرس كقصص سليمان وعمرو بن معدي كرب، أقول: هذه ليست في صحيح البخاري وليست في صحيح مسلم، وليست من كلام الله عز وجل، ولا من كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، والعهدة على أصحابها كـ ابن كثير وابن عبد ربه وابن قتيبة كما أوردوها، وهذا ليس فيه حلال ولا حرام، ولا عقائد ولا شرائع، وإنما تورد كما أوردها أهل العلم استئناساً، وقد أورد ابن الجوزي كثيراً منها، كما في الحمقى والمغفلين، وأورد ابن قتيبة أكثر من هذه -لكن أعرضت عنها- في عيون الأخبار وابن كثير في البداية والنهاية، ومن قرأ عرف هذه، لكن هذه تسمى عند أهل العلم من السير ومن اللطائف والأخبار التي هي كزهر الربيع تشم ولا تعك؛ لأنه لا ينبني عليها شيء.

ونحن لو ذهبنا نتقصى بعد كل قصة وردت، ووراء كل حدث وقع في الدنيا لما بقيت لنا ولا قصة واحدة، كمعركة بدر الآن، عدد المقاتلين، وعدد الحضور، والقتلى، وهيئة المعركة ليست في البخاري ولا في مسلم، لكن في السير لابن إسحاق وابن هشام وغيره، فلو ذهبنا نضعف كل رواية لما طلع لنا إلا ما يقارب عشرة أحاديث فما تصورنا المعركة تصوراً تاماً.

والإمام أحمد يقول: ثلاثة علوم لا أساس لها، المغازي والفتن والملاحم، وقيل: التفسير بدل الملاحم؛ لأنها المغازي.

والأخ الثاني يقول: إنني ذكرت أنه يتوضأ من لحم الإبل، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرت أنا أنه أتى من بني سلمة وهو يلوك لحم جمل ثم دخل في الصلاة؟ أقول: أما الحديث فلا بد أن يُتأكد منه، وأنا مر بي ومر بكثير من الإخوة وهو في السنن، وإما أن يكون في سنده شيء، وإما أن يكون نسخ ترك الوضوء منها، وأمر صلى الله عليه وسلم بالوضوء من لحمها عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>