فمن كرم ضيافته صلى الله عليه وسلم أن جعل أبا هريرة يدور بالإناء، ما قال للضيوف من أهل الصفة: قوموا أنتم وخذوا اللبن، بل جعله هو يدور عليهم، ويأخذ الإناء ويسلمه للآخر تلو الآخر، وإلا كان بإمكانه أن يسلم الإناء ثم يقول: أنت سلم للذي بجانبك، لكن من كرمه أن يأخذ لئلا يمتهن الضيف كما قال ابن حجر، قالوا: ومن لؤم الرجل أن يستخدم ضيفه، أن يدخل عليك ضيفك في المنزل فتقول: بارك الله فيك ناولني هذا الصحن، قرب لي هذا الإدام.
فقد أصبح طباخاً ولم يصبح ضيفاً، وهذه الضيافة ليست في الكتاب ولا في السنة ولا في أخلاق العرب، أما الضيف فلابد أن يحترم، وبعض الناس إذا دخل عليه الضيف جلس في صدر المجلس واتكأ وجعل الضيف في آخر المنزل، فكلما أتوا بالفنجان بدأ ويبدأ بكل شيء، ويجعل الضيف في خبر كان وربما ينساه، فهذا ليس من الضيافة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم أهل الصفة، وهم تلاميذ له وأعراب، وجلس عند الباب وأخذ يقول لـ أبي هريرة: ناول الناس، فأخذ يناولهم حتى انتهى إليه صلى الله عليه وسلم.