ويعيش عليه الصلاة والسلام الصيام, فيواصل الأيام والليالي, يواصل ثلاثة وأربعة لا يفطر لا في الليل ولا في النهار والوصال له, ولا نستطيعه نحن, أراد الصحابة أن يجربوا تجربته فما استطاعوا, فيقول لهم:{إني لست كهيئتكم} وقيل: {إنكم لستم كهيئتي؛ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني} قال ابن القيم: يطعمه ربه من لطائف المعارف ومن الفتوحات، ما يطعمه الطعام الذي هو طعامنا الخبز؛ والتمر؛ والزبيب؛ إذ لو أطعمه هذا لما سمي صائماً.
فقوت الروح أرواح المعاني وليس بأن طعمت ولا شربتا
قال ابن القيم: وهذا القوت يعني: المعاني والحكم والمعارف أعظم من قوت البطون, فإن قوت البطون ينتهي، وقوت البطون مشترك بين الحيوان, بين الثور والحمار، والنعجة والإنسان, والكافر يأكل كما يأكل الحمار, قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ}[محمد:١٢] وقال: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر:٣] أما قوت الروح فليس إلا للمؤمن, وأعظم المؤمنين محمد عليه الصلاة والسلام, قال ابن القيم ويستشهد:
لها أحاديث من ذكراك تشغلها عن الطعام وتلهيها عن الزاد