للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أمراض القلوب في القرآن]

قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة:٧] ذكر الله في القرآن عن القلوب أموراً: ذكر الختم، والأكنة، والران، والطبع، والإقفال، والقسوة، والمرض، والرجس.

فأما الختم: فقد قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة:٧].

وأما الأكنة: فقال: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ} [فصلت:٥] يعني: في أغطية.

وأما القسوة: فقال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ} [البقرة:٧٤] وقال أيضاً سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة:١٣] وقال أيضاً: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد:١٦].

وأما الطبع: فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء:١٥٥] على ماذا؟ على قلوبهم بكفرهم.

وأما المرض: فقال تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:١٠].

وأما الإقفال: فقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:٢٤].

وأما الران: فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:١٤].

هذه أمراض القلوب التي ذكرها الله في القرآن وهي درجات.

أولها: الغين: والغين شيء شفاف يأتي من كثرة المباحات، وكثرة الضحك وكثرة الكلام، وكثرة الخلطة في الناس، فيه غين على القلب، يقول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم: {إنه ليغان على قلبي} هو أشرف البشر وأكملهم وأطهر الناس قلباً وأنقاهم سريرة، وأقربهم من المولى ومع ذلك من كثرة خلطته بالناس يقول: يغان على قلبي حتى أستغفر الله في اليوم أكثر من مائة مرة، هذا يسمى الغين، قالت الصوفية: هذا غين أنوار لا غين أغيار.

قلنا: من أين أتيتم بهذا الكلام؟ وفسر الماء بعد الجهد بالماء، هذه الطلاسم لا نتعرض لها.

وأما الران: فإنه يحجب القلب غشاوة من الذنوب وفي سنن النسائي وابن ماجة والترمذي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث ما معناه: {إذا أذنب العبد نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا زاد نكتت حتى يصبح قلبه أسود فهذ هو الران} قال مجاهد: [[القلب هكذا يذنب العبد فضم إصبعه، ثم يذنب ذنباً آخر فيضم الثانية، ثم يذنب ثالثاً حتى ضم أصابعه قال: فيصبح القلب هكذا]] من كثرة الذنوب وهذا هو الران.

أما الطبع فإذا أذنب وأكثر من الذنوب والخطايا والإغفال طبع الله عليه، والختم آخر شيء، والقفل أشدها وأصعبها، نعوذ بالله من هذه الأمراض.

<<  <  ج:
ص:  >  >>