[هلاك الأمة بالظلم واطراح العدل]
{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} [النمل:٥٢].
قيل لبعض أهل العلم: ما الذي يهلك سريعاً؟
قال: الظلم، وفي أثر: لو نجى جبل على جبل لدك الباغي منهما.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثاني من " فتاويه ": إن الله ينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة.
ولذلك تجد بعض الأنظمة الكافرة عادلة، فلا تبخس الشعوب حقوقهم، ولا جهد الإنسان، ولا تلغي كرامته، ولا تغلق الباب دونه بل تجعله حراً يتكلم ما شاء، حافظاً على امتيازاته، محافظاً على عرضه، محافظاً على كرامته في حين ترى أن بعض البلاد الإسلامية تلغي قداسة الفرد، وتلغي كرامته، وربما تعتدي على أملاكه، ولا تبقيه حياً أو تجعله لا يحمل اسم الإنسانية.
بل وجد أن في بعض البلاد الإسلامية دمرت مدن كاملة بالسلاح وأبيد فيها آلاف من الأطفال وآلاف من النساء، واحتجت الدول الكافرة على هذا الصنيع وقالت: أين الإسلام؟!
وهذا أمر معلوم؛ فاطراح العدل أول ما يصيب الأمم، ويدمر الشعوب، وهذا أمر غفل عنه بعض المؤرخين.
ولذلك قالوا: لو كان الخليفة حازماً ما سقطت دولته.
فيقول ابن الوردي:
فاترك الحيلة في تدبيرها إنما الحيلة في ترك الحيل
حارت الأفكار في قدرة من قد هدانا سبلنا عز وجل
وسوف تأتي قضية وهي {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} [يونس:٤٩].
{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد:٤] {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف:٢١].
فلكل أمة وشعب أجل محدد، ولكل حضارة إذا وصل هذا اليوم فلا ينفعها بقاء أهل الأرض، ولا يرد عن أمر الله راد وينفذ الله قضاءه بأنه غالب على أمره ولا يغلبه أحد، وفيه لطافة {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد:٤١] قالوا: المعقب الموقع، فإذا وقع سبحانه فلا يوقع بعده أحد.