للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نصيحة لمن وقع في الخوف المحرم]

السؤال

ماذا أفعل وقد أصابني الله بالخوف؟

الجواب

يظهر من كلام السائل: أنه أصابه الله بالخوف من غيره.

فالخوف نوعان:

الأول: خوف طبيعي:-

لا يسلم منه أحد، مثل خوف الإنسان من الأسد؛ فإنَّ من جِبِلَّة الإنسان أنه يخاف من الأسد؛ إلا بعض الصالحين الكبار، مثل: صلة بن أشيم لم يخف من الأسد، بل الأسد خاف منه، ومثل: عقبة بن نافع، فإنه تكلم للوحوش ففرت منه، ودخلت جحورها، ومر بالجيش.

وأما جِبِلَّة الناس وغالبيتهم فإنهم يخافون من الأسد.

فهذا الخوف طبيعي لا يجب أن تتخلص منه؛ لأنه جِبِلِّي.

الثاني: خوف مصطنع:

لكن الخوف الذي سيطر على الناس حتى عطلهم عن معتقداتهم وعباداتهم، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن ممارساتهم لحقوقهم، وإصلاح مجتمعهم وإصلاح أنفسهم، حتى أصبح الواحد منهم يُمِيْتك وأنت حي، فيدخل عليك، فإذا جلس معك أذاب قلبك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ويُوصف لك أن غير الله يحمل الضر والنفع، والإحياء والإماتة، والتقديم والتأخير، فإنه يجرد الله عز وجل من الألوهية، إذاً: ما هو حظ الألوهية في قلبه؟! إذاً: ما معنى لا إله إلا الله، محمد رسول الله؟ إذاً: ما معنى الصلاة؟!

بعض الناس الآن يريد أن يعيش سلبياً، فيقول: أنا مؤمن، لكن خليني في حالي وشأني، أنا من بيتي إلى المسجد، أما أن تدخلني في قضية فأرجوك اتركونا، منكرات ما منكرات، فواحش ما فواحش، أمر ما أمر، منكر ما منكر، هذه كلها أرجوك لا تدخلني فيها، الله يرضى عليك، لكن هذا الضعيف الجبان، تعالَ إليه وخذ متراً من أرضه، فسيأتيك بالفأس ويفلق رأسك.

ففي أمور الدنيا شجعان إلى أقصى درجة الشجاعة، أما أمور الدين فمنهارون إلى آخر درجة الانهيار، وإلاَّ فأهل بدر وأحد وجيل محمد صلى الله عليه وسلم أهل المبادئ هم يحملون ذلك.

إن الإنسان ليخجل.

عندي مذكرة أتى بها بعض الشباب الجيش الذين دخلوا الكويت، مذكرة عن الجيش العراقي البعثي المجرم، كتابه يُقرأ في الصباح حصة وفي المساء حصة، مكتوب على الغلاف: أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، وتدخل إلى الداخل وإذا هو يعلمك الشجاعة حتى يفور دمك، ولذلك فهم شجعان هؤلاء الأخباث، قدموا أرواحهم كثيراً؛ لكن في الرخص، وإلى النار والعياذ بالله.

ثم تجد الماركسيين الذين أخذوا بعض الأنظمة الفاسدة يحملون هذه المبادئ، كذلك العلمانيين، والشيوعيين واليهود، وتجد المسلم لا يريد أن يقول كلمة، ولا يأمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر، خوفاً على بطنه وعلى سيارته، وسوف يلقى الله يوم القيامة ويسأله عن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١].

أيبعثنا محمد صلى الله عليه وسلم جبناء؟! نحن أبناء أحد وبدر يخرجنا للناس جبناء؟!

أنا ابن أنصارك الغر الأُلى سحقوا جيش الطغاة بجيش منك جرار

يخرجنا محمد صلى الله عليه وسلم جبناء؟! أما كان ربعي بن عامر من تلاميذه -عليه الصلاة والسلام- يوم يقول لـ رستم: [[إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]].

<<  <  ج:
ص:  >  >>