[صفة أهل أبي زرع]
ثم بدأت تسرد أهله واحداً واحداً لكثرة سعادتها مع أبي زرع، تقول:
{أم أبي زرع فما أم أبي زرع؟ عكومها رداح} أي: أنها من كثرة النعيم ممتلئة الجسم، فيها شحم ولحم، والعكوم: هو مجامع البطن, (ورداح) أي: متينة سمينة , {(وبيتها فساح)} حتى أم أبي زرع لها بيت واسع (ابن أبي زرع) -من زوجة غيرها- فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمسل شطبة)} تقول: المنام الذي ينامه من صغر جسمه ونحافته ورشاقته ولأنه حر، كأنه سلة السيف, أي: لا ينام إلا في مكان صغير مثل سلة السيف (ويشبعه ذراع الجفرة)} الجفرة: هو ولد الماعز، وقيل: ولد الضأن إذا مر عليه أربعة أشهر أو ستة أشهر, فتقول: أن ذراع الجفرة يكفيه من قلة أكله؛ لاشتغاله بالمهمات من الأمور (بنت أبي زرع طوع أبيها وطوع أمها) من امرأة غيرها {فما بنت أبي زرع؟ (طوع أبيها وطوع أمها}) ما شاء الله تطيع أباها وأمها (وملء كسائها) أي: أنها في نعمة (وغيظ جارتها)} يحسدنها جاراتها من جمالها, ولذلك يقول عمر بن أبي ربيعة:
زعموها سألت جاراتها وتعرت ذات يومٍ تبترد
أكما ينعتني تبصرنني عمركن الله أم لا يقتصد
تقول هذه المرأة لجاراتها: بالله عليكن هل أنا حسناء مثل ما يصفني هذا الشاعر، أم أنه يبالغ في الوصف.
فتضاحكن وقد قلن لها حسن في كل عين من تود
حسداً حملنه في شأنها وقديماً كان في الناس الحسد
ويقول الأول:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغياً إنه لدميم
وقيل:
وترى الشريف مجرماً في قومه ولم يكتسب جرماً وعرضه مشتوم
وهذا من الحسد الذي وضعه الله في القلوب التي ما آمنت ولم يملأها الإيمان.
قالت: {(وغيظ جارتها)} قيل: غير وخير وغيظ، أي: أنهم يغارون منها لجمالها وحسنها.
(جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثاً) لا تنشر الخبر، بل هي ساكتة صامتة حافظة للسر (ولا تنقث ميرتنا تنقيثاً) أي لا تضيع مالنا، (ولا تملأ بيتنا تعشيشاً) أي: لا تجمع في البيت الزبالات، وقطع الأوراق والقراطيس، ولكنها نظيفة، وتضع كل شيء في مكانه، وهذا من أدبها وسلوكها وسمتها.