[ذم الكبر ومدح التواضع]
وهذا متكبر، ونعوذ بالله من الكبر، والكبر قرين الشرك، بل هو ركن من أركان الكفر، وإذا رأيت إنساناً متكبراً، ولو تقمص قميص الدعاة أو طلبة العلم، فقد تمت خسارته في الدنيا والآخرة، ومن تكبر فقد نازع الله - سُبحَانَهُ وَتَعَالى - رداء الألوهية والربوبية، ومن أخذ الكبر قصمه الله وعذبه؛ فنعوذ بالله من الكبر.
قلت في رباعية نظمتها في خطبة جمعة عن المتكبرين؛ لأن الخطبة كانت في مدح التواضع وذم الكبر والمتكبرين، ومن صفات المتكبر أنه دائماً غضبان، ويظهر عليه التزمت والانقباض وقلة الابتسام، بخلاف الطلق السهل البشوش؛ الذي يرحب ويحيي ويبش ويهش؛ فهذه علامات التواضع، ولذلك كانت هذه سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، كما يقول جرير بن عبد الله البجلي: {ما رآني صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي} وسئل أحد العلماء: ما هو السحر الحلال؟ قال: تبسمك في وجوه الرجال، ويقول زهير بن أبي سلمى، يمدح هرم بن سنان:
تراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله
فقلت:
وجوههم من سواد الكبر كالحة كأنما أوردوا غضبى إلى النارِ
هانوا على الله فاستاءت مناظرهم يا ويحهم من مناكيد وفجار
ليسوا كقوم إذا لاقيتهم عرضاً أهدوك من نورهم ما يتحف الساري
أي: المتواضعين من طلبة العلم والدعاة من أمثالكم واشباهكم.
تروى وتشبع من سيماء طلعتهم بوصفهم ذكروك الواحد الباري
بدون أن تأكل أو تشرب إذا رأيتهم تروى وتشبع.
من تلقَ منهم تقل: لاقيتُ سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري
وفي المتكبر يقول:
أنت من أنت يا شبيه الزرافه يا عظيماً في كِبْرِهِ والسخافة
من هو هذا المتكبر؟ كيف أتى؟ وإلى أين يذهب؟
خفف الوطء ما رأيناك شيئاً كلما زدت كبرةً زدت آفه
هل توهمت أن جدتك الكبرى تولت على الأنام الخلافه
جدتك الكبرى: أي: الثالثة.
أم لأن العلوم صيغت جميعاً في دماغ ما فيه إلا الخرافه