[نسبة الخطأ إلى الغير]
وتجد أن الأمة الإسلامية الآن تنسب الأخطاء إلى الغرب، ولو تناطح حماران في ساحل العاج، لقالوا: إسرائيل وراء هذين الحمارين!! ولو أتى شاب لقال: حسبنا الله على اليهود، هم الذين سُلِّطوا علينا، هم الذين أثروا علينا في منهجنا، وأثروا علينا في حياتنا!!
ومعناه أننا لم نخطئ والغرب فقط هو الذي يخطئ.
أيها الإخوة! نحن أثرنا في الآخرين أكثر مما أثر الآخرون فينا، أقولها وعندي وثائق تشهد على ذلك، من الذي دوخ الشعوب؟ ومن الذي أسقط الحكومات الجائرة كسرى وقيصر، وحكومة الهند؟ وكثير من الحكومات الشرقية؟ المسلمون.
والدليل على أننا أثرنا في العالم، أنه ما من بلد من البلدان إلا وفيه أقلية مسلمة، وفي سنة من السنوات في أيام الحج، كان عدد الحجاج من روسيا ألف حاجٍ خرجوا من موسكو يقولون: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
خرجوا من جانب جرباتشوف.
يا إخوة: لقد أثرنا في العالم بل نكسنا عروشاً، وحكمنا دولاً، وسحقنا مستعمرات، وفتحنا قلاعاً.
فلماذا أصبحنا في انهزامية؟ إننا ندافع فقط.
يقول العسكريون: أفضل طريقة للدفاع الهجوم.
أصبح كثير من الكُتَّاب عافاهم الله، فقط يردون، يسمع بالمسألة وهو جالس في البيت، فإذا سمع شبهة قام لها.
لماذا أنت لا تدمغ الباطل؟ لماذا لا تبدأ بالهجوم الكاسح بكتبك وبرسائلك وبأشرطتك؟ قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء:١٨].
وهناك رسالة لأحد الكتبة يناقش فيها مسألة الملاعق هل لها أصل في السنة أن يأكل بها أم لا، ثم ينتقل إلى الكبك بعد عشر صفحات، ويقول: لا بد أن نرى الكبك، ما هو أصل إدخالها على المسلمين؟
الأمة تدمر في عقولها ومناهجها، ونحن في مسألة الكبك والملعقة.
أنأكل بالملعقة أو بالسكين، أو نأكل بالشوكة؟ مسألة، لكن هل نخصص لها كتاباً مجلداً أو مطبوعاً؟! لا ألوم أحداً، ولكن ألوم نفسي.
فالمسألة الآن: نسبة أخطائنا إلى الغير، وهذا من انهزاميتنا وتقهقرنا، بل كثير من الأخطاء صارت منا نحن، وأعلم أن كثيراً مما يقوله الشباب أن الأعداء كانوا وراء ذلك الحادث، وأولئك كانوا وراء تلك الحادثة وليس هذا بصحيح، ونقول لهم: هل يوجد لديكم وثائق؟ أعطونا، ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام:١٤٨] ويقول سبحانه: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة:١١١] ليس هناك دليل.
فالانهزام الذي أصاب الأمة أن تنسب الخطأ إلى غيرها.
مشغوفة بخلاف لو أقول لها يوم الغدير لقالت ليلة الغار