[حال الأمة في العصر الحاضر]
أصبحت الأمة مثل قبيلة باهلة، كلما فاخرتها العرب قالت: منا قتيبة بن مسلم لكن مات يرحمه الله، كلما قالت لنا الأمم: انظروا لإبداعنا واختراعنا وإنتاجنا ونتاجنا، قلنا: منا عمر وصلاح الدين والمثنى، فإلى متى هذا الخداع؟ {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:١٣٤]
إذا فخرت بأقوام لهم شرف نعم صدقت ولكن بئسما ولدوا
أهل السنة ذهب أحمر لا تزيده النار إلا لمعاناً، وأهل البدعة خبث الحديد، يحترق الخبث ويذوب الحديد: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد:١٧].
أحمد بن حنبل شيعه مليون، وأحمدهم ابن أبي دؤاد شيعه ثلاثة لكن بالأجرة.
ذرفت إحدى عيني سعيد بن المسيب رحمه الله من البكاء في السحر، وبقي على عين واحدة، يحضر بها صلاة العتمة، والمرثية تقول:
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
فليست عشيات اللوى برواجع عليك ولكن خل عينيك تدمعا
{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة:٨٣] سعيد بن المسيب سجل للمكرمات، وديوان للصالحات، خمسون سنة ما فاتته تكبيرة الإحرام، دائماً في الصف الأول، لأن الرباني يأنف من الصف الثاني.
الوليد بن عبد الملك وسعيد بن المسيب:
خطب الوليد ابنة سعيد، قال: لا أزوج البليد، فجلدوه مائة بالجريد، كان يجلد في حر المدينة وقتادة بن دعامة السدوسي يستمري الحديد في القرطاس والضرب على الرأس، لماذا لم يزوج سعيد الوليد وهو ولي العهد، لأن العقد لم يتم لمن ينقض العهد: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧].
ابن هبيرة الحنبلي:
عطس ابن هبيرة فشمته أهل بغداد كلهم؛ لأنه سني، وأهل السنة يرون مشروعية تشميت العاطس، فانظروا ما أعظم الحب والقبول.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم:٩٦].
ابن هبيرة وزير، ولكن لا يعرف الطبلة ولا الزير، استسقى في منى للحجاج فنزل المطر كالأمواج، كنيته أبو المظفر، يقول فيه الخليفة المستنجد:
ولم نرَ من ينوي لك السوء يا أبا المظفر إلا كنت أنت المظفر
وزهدك والدنيا إليك فقيرة وجودك والمعروف في الناس ينكر
سهل بن عبد الله التستري:
دخل سهل بن عبد الله التستري على أبي داود صاحب السنن، فسألة بالله أن يلبي مسألته، قال: ما هي مسألتك؟ قال: أن تخرج لي لسانك لأقبلها لأنها روت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ففعل، اللسان السني وصاحبه إمام سنة: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:٧٩]:
ألم تر أن الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هنداً عشية تمشت وجرت في جوانبه بردا
محدثان سنيان:
حماد بن سلمة بن دينار وحماد بن زيد بن درهم والدينار عشرة دراهم، وفارق الصرف يخبر بأحسن الرجلين، فهل فهمت الحساب؟ والدراهم كلها سنية، أما درهم المبتدعة فلا يساوي فلساً.
كثرت مجالس اللغو، هذا يتحدث عن دنياه، وهذا عن ديناره، وذاك عن داره، وذاك عن قصره، عندها قال معاذ رضي الله عنه لأخيه: [[اجلس بنا نؤمن ساعة]] وهذه الساعة لله وفي الله عز وجل، حديث في أسمائه وصفاته وآياته وأفعاله:
يطيب حديثنا فيكم ويحلو ويغلو عند ذكركم الكلام
وأما غيركم فالقلب يأبى حرام مدح غيركم حرام
{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] فكيف يطمئن قلب من أصعب الأشياء عليه أن تحدثه عن الله عز وجل؟: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر:٤٥].