ولو أن وفد الأزد ضعيف سنده، لكن نقويه إن شاء الله.
قدم وفد الأزد على الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول الحارث وهو سابع سبعة أو ثامن ثمانية منهم: وفدنا على الرسول صلى الله عليه وسلم من الأزد -من قبائل الجنوب (من هنا) لأن الأزد ينتسبون إلى قحطان كما تعرفون ذلك- فهم أزد شنوءة، وقد تفرقوا قسمين، قسم سكن السراة وقسم سكن عمان، ولا يهمنا هذا العمة والخالة والجدة؛ لأننا لا نرث عمان ولا يرثوننا؛ لكن من باب معرفة الشيء.
فأتى هذا الوفد، فقدم على الرسول صلى الله عليه وسلم، فنزلوا وكانوا طوالاً في أجسامهم، وفيهم قوة كما صح، فلبسوا لباساً جميلاً، فلما نزلوا عند الرسول صلى الله عليه وسلم قال عمر بن الخطاب كما في بعض الروايات عند ابن عساكر وغيره:[[يا رسول الله! هنا قومٌ كأنهم من الهنود]] لأنهم كانوا يوفرون لحاهم لا بقصد السنة فهم لا يعرفون السنة؛ لأنهم جاهليون، لكنهم يعدون من المروءة والشهامة ألا يأخذ الإنسان من لحيته شيئاً، وإذا قامت بينهم الحرب وعقد أحدهم لحيته فلا يفكها حتى يأخذ حقه، وينتقم ممن يقاتله، أو يأخذ بثأره، فقال صلى الله عليه وسلم: ترجموهم، فتقدموا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فسألهم:{ممن القوم؟} لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن ينتسبوا إليه عليه أفضل الصلاة والسلام، فقالوا: مؤمنون، فتبسم صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:{إن لكل قومٍ حقيقة؛ فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: خمس عشرة خصلة، خمسٌ أمرنا الله بها، وخمسٌ أمرتنا أنت بها، وخمسٌ تخلقنا بها من أخلاق الجاهلية، فتبسم صلى الله عليه وسلم أكثر وأكثر، وقال: ما هي الخمس التي أمركم الله بها؟ قالوا: أمرنا أن نعبده ولا نشرك به شيئاً، وأن نقيم الصلاة، وأن نؤتي الزكاة، وأن نصوم رمضان، ونحج البيت، فقال صلى الله عليه وسلم: وما الخمس التي أمرتكم أنا بها؟ قال: أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ونؤمن بالقضاء والقدر، فقال: وما الخمس التي تخلقتم بها من أخلاق الجاهلية؟ قالوا: الصدق في مواطن النفاق، والصبر على مر القضاء، وترك شماتة الأعداء، وشكر الله في الرخاء، وزادوا خامسة نسيتها، فتبسم صلى الله عليه وسلم ونظر إلى الناس وقال: علماء علماء، كادوا من علمهم أن يكونوا أنبياء، ثم زادهم صلى الله عليه وسلم قال: وأنا أزيدكم خمساً فتصبح عشرين لا تردوا ما لا تسكنون، ولا تدخروا ما لا تأكلون، واتقوا ربكم الذي عليه تعرضون وإليه تحشرون، وعنده تحاسبون} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فذهب الوفد وأجازهم صلى الله عليه وسلم بمثل ما يجيز الوفود، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه، هذا وفد الأزد والجنوب الذي وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم.