للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كتب تميز الحق من الباطل]

السؤال

نريد أن تعرفنا على كتب في الساحة تعرفنا العدو من الصديق، وبعض الدواوين لشعراء الإسلام؟

الجواب

من الكتب التي تعرفك العدو من الصديق، أولها: كتاب الله عز وجل، الفرقان، والنور، والهداية، والروح، والحياة، والرسالة الخالدة، هذا الكتاب العظيم الذي من استكفى بغيره فلا كفاه الله، ومن استشفى بغيره فلا شفاه الله، ومن اتبع سواه أضله الله، ومن طلب الهداية في غيره أعمى الله بصيرته وخذله ولعنه، فعليك بكتاب الله.

أما ما يتعلق بأمور الحوادث والأفكار المستجدة: فإني أرشدك إلى كتاب طيب لعالم وداعية غفر الله ذنبه لـ سيد قطب في ظلال القرآن، فإني أطلب منك أن تقرأ كثيراً في هذا الكتاب، لأن هذا الرجل قرأ ثقافة الشرق والغرب، فقد بقي أربعين سنة يقرأ حتى عرف ماذا كتب الغرب.

يحدثنا أحد الأساتذة يقول: أرسل رجل انجليزي يحضر الدكتوراه في التفسير -مستشرق في التفاسير الإسلامية- واشترطت عليه اللجنة في لندن أن يقرأ كل التفاسير إلا تفسير في ظلال القرآن لـ سيد قطب، وأحب شيء إلى الإنسان ما منع الناس، فهم مجبولون على حب الممنوع.

يقول علي بن أبي طالب: [[لو منع الناس من فت البعر لفتوه]] يعني: جبلة فينا، فذاك أخذ في ذهنه! لماذا منعوني من الظلال لـ سيد قطب؟ لا بد أن ذلك لشيء، ولما وصل إلى القاهرة بحث عن الظلال، وأخذ يقرأ فيه حتى وصل إلى سورة الأنفال، ثم أعلن إسلامه، هو سيد قطب إذا أتى إلى {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ:١] لا يقول: (عن وما) هذا علم النحو لا بد منه وكفى فيه السلف، لكن يتكلم عن تجربة، وعن حياة، رجل ذهب إلى موسكو وذهب إلى دنفر وعرف الحضارة وشمها وأكلها وشربها وعاشها، فهو يتكلم لك بحرارة الإيمان، ويكتب من دمه، فيرد على مفكري الغرب، ويتكلم عن قضية الإيمان ودوره في الحياة، ويدخل معك حتى في جزئيات العلوم التي مهروا فيها، أتى في آية {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:٥٠] فذكر كلام كريسي موريسون في النحلة من يهديها، أعندها أريال؟

يقول الأمريكي: لماذا تذهب النحلة مسافة ألف كيلو ثم تعود إلى الخلية، من يخبرها؟

قال سيد قطب: ليس عندها أريال ولكن عندها {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النحل:٦٨] رجل ينطلق من القرآن، وأنا أعرف له قضايا.

وميزة الظلال ثلاث أمور:

أولاً: الأسلوب الجميل البديع، يقول في سورة محمد عند قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:١] قال: هذا هجوم أدبي على المشركين، يقول في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية:١٨] قال: أفلا ينظر أهل الصحراء إلى السماء؟ والسماء في الصحراء لها طعم ومذاق، فكأنه لا سماء إلا في الصحراء.

الميزة الثانية: أنه رجل كما قلت عرف الواقع.

الثالثة: أنه رجل يحمل روحه بين يديه أمام الطغاة، يقولون له: اكتب رسالة اعتذار لـ جمال عبد الناصر ليعفو عنك؟ قال: " إن إصبعي التي شهدت لله بالوحدانية كل يوم خمس مرات تأبى أن تكتب لطاغية، إن كنت أقتل بباطل، فأنا أكبر من أن أستخذل الباطل، وإن كنت أقتل بحق؛ فأنا أصغر من أن أعترض على الحق ".

وقتل وهو يتبسم.

يا شهيداً رفع الله به جبة الحق على طول المدى

سوف تبقى في الحنايا علماً قائداً للجيل رمزاً للفدا

ما بكينا أنت قد علمتنا بسمة المؤمن في وجه الردى

لكن أقول لك يا من يقرأ الظلال! لا تظن أنك أمام كتاب عقيدة، العقيدة تجدها في الطحاوية وكتب ابن تيمية؛ لأن الرجل لا يريد أن يعطيك عقيدة يريد أن يحدثك بأشياء وخواطر وظلال وأسرار الله أعلم بها، وكذلك لا يحدثك عن الأحكام، اذهب إلى ابن كثير والقرطبي.

الأمر الثالث: ربما توقف في بعض المسائل على عقيدة الأشاعرة ونحن نقول: غفر الله له {وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث}

دعها سماوية تجري على قدر لا تفسدنها برأي منك منكوس

جمعنا الله به في دار الكرامة، وتغمدنا وإياكم بالرضوان، وشكر الله لكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>