لا تأسف على مصيبة، فإن الذي قدرها عنده جنة وثواب وعوض وأجر عظيم، إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد:٢٤].
وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها، وفي خلفها الخيِّر {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة:١٥٧] هنيئاً للمصابين، بشرى للمنكوبين، سلام على المضطهدين.
إن عمر الدنيا قصير، وكنزها حقير، {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى:١٧] فمن أصيب هنا كوفئ هناك، ومن تعب هنا ارتاح هناك، ومن افتقر هنا اغتنى هناك، أما المتعلقون بالدنيا، العاشقون لها، الراكنون إليها، فأشد ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها، وتنغيص راحتهم فيها؛ لأنهم يريدونها وحدها، فلذلك تعظم عليهم المصائب، وتكبر عندهم النكبات؛ لأنهم ينظرون تحت أقدامهم، فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون: ما فات شيءٌ وأنتم الرابحون، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار.
إن على المصاب الذي ضُرِب عليه سرادق المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة:{فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}[الحديد:١٣]{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[القصص:٦٠] وأهنى وأمرى وأجل وأعلى وأغلى.