أولها: معنى الخليفة، والخليفة قالوا: هو آدم، والصحيح أن الخليفة يعني قوماً يخلفون قوماً، وهذا الذي رجحه ابن كثير وهو الصحيح، جعلنا الله خلائف الأرض، فبعضنا يخلف بعضاً، قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، وأمةً بعد أمة، قال تعالى:{وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}[ابراهيم:٤٥] سكنا الدور والقصور وسكنها آباؤنا وأجدادنا ثم أتينا، ويأتي أبناؤنا وهكذا، فكأن الثاني ما اعتبر بالأول، قدم ل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه إناء من خزف ليشرب فيه، فقربه من فمه ثم نظر إليه وقال:[[الله! كم في هذا الكوب من خدٍ أسيلٍ وطرفٍ كحيل]].
يقول: ربما صنع هذا الكوب أو هذا الإناء من ترابٍ تحلل من خدٍ أسيل، أي: جميل، ومن طرفٍ كحيل، يقول أبو العلاء المعري:
غير مجدٍ في ملتي واعتقادي نوح باكٍ ولا ترنم شادي
خفف الوطء ما أظن أديم الـ أرض إلا من هذه الأجساد
يقول: أنت تمشي على التراب، ربما يكون قطعة من جسم أبيك وجدك وأجدادك في هذا التراب الذي تتكبر عليه.
خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد
صاحِ هذي قبورنا تملأ الر حب فأين القبور من عهد عادِ
يقول: قبورنا ملأت الدنيا فكيف بقبور القرون التي سلفت.