للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التلازم بين العلم والإيمان]

أيها الإخوة الطلاب: علم بلا إيمان هباء منثور، كتاب بلا إيمان كلام مصفَّف، قصيدة بلا إيمان هذر مذر، طالب بلا إيمان جثة من اللحم، فصل بلا إيمان قطيع من البهائم.

إخوتي في الله: الإيمان يوم تخرج من بيتك يكون في ذهنك وفي قلبك، إن أكبر الرسائل التي تحملها في الحياة الإيمان؛ الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر وبما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.

يا إخوتي في الله: إننا يوم نحمل الإيمان يفتح الله لنا كل باب خير ويغلق عنا كل باب شر، ومعنى ذلك: ألا نطلب العلم- كما يفعل الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، يقول عز من قائل: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم:٧] لا يهم إلا علم البطون وعلم القدور، وعلم الفروج وعلم المتع الدنيوية، وعلم الوظائف والمناصب، وعلم السيارات والموديلات، هذا علم لا يوصل صاحبه إلا إلى القبر، ثم يتركه ويعود، لكن أنت يُطلب منك أن تأخذ علماً يوصلك إلى رضوان الله، إن علماً لا يدخل معك القبر ليس بعلم، علم لا يمرُّ بك على الصراط ليس بعلم، علم لا يسقيك من الحوض المورود ليس بعلم؛ لأن الله ذكر العلم في القرآن على ثلاثة أضرب:

علم ضار.

علم شرير.

علم النهي.

{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة:١٠٢] وهؤلاء الذين يتعلمون للدنيا وللشهادات وللمناصب وللوظائف، والله يعطيهم من المناصب والوظائف والشهادات ما أرادوا، لكن لا يعطيهم من حرث الآخرة شيئاً {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:١٦].

هذا العلم ليس بنافع، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله تبارك وتعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من أعراض الدنيا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً} وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من تعلَّم العلم ليماري به السفهاء أو ليجاري به العلماء، فليتبوأ مقعده من النار} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

إذا ما لم يفدك العلم خيراً فليتك ثم ليتك ما علمتا

وإن ألقاك فهمك في مغاوٍ فليتك ثم ليتك ما فهمتا

فناده إذا سجدت له اعترافاً بما ناداه ذو النون بن متى

وأكثر ذكره في الأرض دأباً لتذكر في السماء إذا ذكرتا

فيا طالب العلم: الإيمان الإيمان! يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم:٧] وقال عنهم: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل:٦٦].

<<  <  ج:
ص:  >  >>