للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العلم والدعوة والعمل]

إذاً: فما واجبنا نحو هذه المسائل؟

واجبنا يا شباب الإسلام أن نتعلم وندعو الناس، لا نقول نتأخر حتى نحفظ الصحيحين والمتون ثم ننزل إلى الساحة، لا.

أقول: نتعلم علماً أو حداً ثم ننزل إلى الساحة، فنتلقى العلم ونحن نعلم الناس، فلا ننقطع عن الدعوة فنصبح مركونين في بيوتنا، وفي ظلمات الزوايا، ولا ننزل إلى الناس ونترك العلم، فينتهي علمنا في سبعة أيام أو في ستة أيام، ثم يلتف الناس حولنا فلا يجدون علماً، فنسقيهم بدل قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام كلاماً حماسياً، يطيش ويفيش كالهواء، فهذا ليس بعلم، الكلام كلام والعلم علم، ولذلك قال حماد بن زيد زميل الإمام مالك، العلامة الجهبذ النحرير الكبير من رجال الصحيحين، قال لـ أيوب السختياني: يا أيوب كثر العلم إن شاء الله، قال:" بل والله قل العلم وكثر الكلام "، كلام القرن الثاني أكثر من كلام القرن الأول، وكلام القرن الثالث أكثر من القرن الثاني، فما بالك بالقرن الخامس عشر، إن من يستفتي الآن في مسألة يلقى عليه محاضرة كاملة، وبينما القرن الأول كان إذا استفتي في مسألة قال: نعم أو لا، أو قال الرسول أو قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فكان كلامهم قليل ولكن علمهم مبارك.

فالعلم -أيها الإخوة الأبرار- ليس بكثرة الكلام، العلم هو الدليل، وهو التأصيل العلمي، وهو تحقيق المسائل، وليس معنى ذلك أن من أكثروا الكلام في نصرة دين الله عز وجل -كالمفكرين- فقد أخطأوا بل جزاهم الله خيراً فيما سدوا من ثغرة، فإنهم قابلوا السلاح بمثله، لكن لا يعني ذلك أن يظن كثير من الشباب أو بعض الشباب أن هذا الفكر علم يحصل ويؤصل وأنه هو المطلوب، الفكر شيء غير العلم، وهو يدخل في مسمى العلم، لكنه ليس العلم كل العلم، فالعلم هو الدليل وهو الكتاب والسنة وما دار حول الكتاب والسنة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>