المسألة التاسعة: السواك للصائم تردد في أوساط كثير من الناس أن الصائم له أن يتسوك أول النهار، وأمَّا بَعْد الزوال فلا يتسوك فهل هذا صحيح أم لا؟
هذا رأي للشافعية قالوا: له أن يتسوك أول النهار، وأما آخر النهار فلا، واستدلوا بدليلين دليل تنظيري استنباطي، ودليل نقلي، أما الدليل النقلي فقالوا: روى ابن ماجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {استاكوا أول النهار ولا تستاكوا آخر النهار} هذا دليل نقلي -نص- واستدلوا بدليل آخر تنظيري استنباطي وقالوا: قوله صلى الله عليه وسلم: {لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك} قالوا: فإذا أتى الصائم وأزال الخلوف -يعني رائحة الفم بالسواك- ما أصبحت هناك رائحة مسك.
ولكن يرد عليهم بثلاثة أدلة: أولها: قوله صلى الله عليه وسلم: {لولا أن أشق على أمتي لأمرتم بالسواك عند كل وضوء} وفي رواية {مع كل صلاة} هاتان الروايتان صحيحتان، فعموم الحديث يقتضي في رمضان وفي غير رمضان ولم يقل صلى الله عليه وسلم:{لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء} في غير رمضان، فلما عمم عليه الصلاة السلام دل على أنه مع كل صلاة في رمضان وفي غير رمضان ومع كل وضوء.
الدليل الثاني: ما رواه الترمذي وغيره وهو معلق في صحيح البخاري عن عامر بن ربيعة قال: {رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي ولا أعد يتسوك وهو صائم} فدل على أنه أول النهار وآخر النهار.
والدليل الثالث: أنه يقال: الخلوف هذا الذي ذكرتم ما يأتي من الفم، والسواك ما يزيله، إنما يأتي من المعدة، فلا أثر للسواك هذا في الخلوف؛ لأنه يأتي من معدة الصائم.
وأما حديثهم في ابن ماجة الذي يقول:{استاكوا أول النهار ولا تستاكوا آخره} فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة، إذاً: حسم المسألة إن شاء الله أن الصائم يتسوك أول النهار، وآخر النهار بسواك رطب أو يابس، والسواك من أفضل خصال الصائم، لا يتركه عند كل وضوء ومع كل صلاة.