للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كرامة قتادة بن النعمان]

قتادة من الأنصار رضوان الله عليهم، كان يوم أحد يقاتل مع رسول صلى الله عليه وسلم، فضرب على وجهه بالسيف، فنزلت عينه حتى أصبحت في خده، فأتى صلى الله عليه وسلم، فلما رآه وعرض نفسه عليه ورأى عينه قد نزلت في خده ردها صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: باسم الله! فعادت، قال الأنصار: والله إنها كانت أجمل من الأخرى.

ولذلك يذكر أن ابن قتادة دخل مع فتية عند عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو خليفة للمسلمين، فأراد أن يتعرف عليهم وكان من علية الناس، فقال لأولهم: ابن من أنت؟

قال: أنا ابن أمير البصرة عام كذا وكذا، وأنت؟ قال: ابن أمير الكوفة، فكان رضي الله عنه يغضب ويشيح بوجهه؛ لأن المؤهلات عند عمر تختلف عند أهل الدنيا، فلما أتى دور هذا الأنصاري، قال: ابن من أنت؟

قال:

أنا ابن الذي سالت على الخد عينه فردت بكف المصطفى أحسن الرد

فدمعت عينا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه وقال:

تلك المكارم لا قعبان من لبن شيباً بماء فعادا بعد أبوالا

يقول: تلك هي المكارم التي يريدها الإنسان، المكارم في الدار الآخرة، لا قعبان من لبن: أي: أسان من لبن، شيباً بماء، أي: خلط بماء وقدمت للضيف من أجل الصيت والسمعة، فشربها الضيف فعادت بولاً.

فيقول: مراتبكم ومناصبكم ودنياكم لا تساوي مع هذه شيئاً، هذه هي المكارم إن كنتم تريدون مكارماً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>