للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من الحرص على الإمارة]

عبد الرحمن بن سمرة قرشي من آل شمس، أغر كغرة الفرس، رآه عليه الصلاة والسلام فرأى عليه مسحة الإمارة فقال له: {يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إلى نفسك، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها} يعني إذا أجبرت، وعلم الله أنك لا تريد المنصب فأوتيتها، أعانك الواحد الأحد عليها، أما إذا حرصت عليها فإنك لا تعان، لأن عند أهل السنة أن الحرص على الولاية وطلبها لغير مقصد شرعي ينبئ عن مقاصد الله أعلم بها، إما للسلب والنهب أو للمال أو للسرقة أو للتشفي من المسلمين.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي موسى أنه قال: {إنا لا نعطي هذا الأمر من حرص عليه} هذه الولاية لا نعطيها رجلاً يحرص عليها، وإذا رأيت الرجل يجري وراءها فاعرف أنه يريد شيئاً، (كاد المريب أن يقول خذوني) في قلبه أسرار، وله مقاصد غير معروفة، أما إذا ظهر مقصده الصحيح وعلم الله صدقه، أعانه الله على هذا المنصب، قال سبحانه: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ الشرعي عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:٨٣] فيجعل الله العاقبة لمن اتقى الله في المنصب وسدد وقارب.

أول مرسوم أخذه عمر وفعل به في الخلافة أتدري ما هو؟

أول ما تولى الخلافة، قال: بسم الله الرحمن الرحيم؛ من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح أمَّا بَعْد:

فتول إمرة الجيوش واعزل خالداً.

خالد بن الوليد سيف الله! خاض مائة معركة ما هزمت له راية:

تسعون معركة مرت محجلة من بعد عشرٍ بنان الفتح يحصيها

وخالد في سبيل الله مشعلها وخالد في سبيل الله مذكيها

ما نازل الفرس إلا خاب نازلها ولا رمى الروم إلا طاش راميها

فأتت الرسالة إلى أبي عبيدة فبكى، لأنه سمع بموت أبي بكر وسمع البيان -هذا المرسوم- فلف الرسالة والمسلمون في المعركة، فما أخبر خالداً، فلما انتهت المعركة أخبره، قال: أنا لا أريد الإمارة وأنت أحق مني، فإن تريد الإمارة فابق عليها، وإنما هي أيام قلائل حتى نلقى الله، حتى دمعت عينا خالد وقال: أنت أحق بالإمارة مني، وقبل رأس أبي عبيدة وقال: أنا لا أعمل لـ عمر أنا أعمل لله أميراً أو جندياً، وسوف أقاتل لله اليوم مثلما قاتلت لله في الأمس، فبقي في الجيش من عرض الجنود: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:٨٣].

<<  <  ج:
ص:  >  >>