للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من حادثة الإفك]

في الأخير وقف عليه الصلاة والسلام على المنبر وجمع الناس وقال: من يعذرني من رجل آذاني في عرضي وأهلي؟ -من هو الرجل؟! عبد الله بن أبي هذا المنافق- سبحان الله! أمثل الرسول صلى الله عليه وسلم يؤذى؟! إنها سنة الله للصالحين يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:٣١] ولابد من الاستهزاء والاستهتار والصبر، قال: {من يعذرني من رجل سبني وشتمني وآذاني؟} أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فقام سعد بن معاذ -هذه رواية البخاري - الشهيد الكبير الذي عاش في الإسلام سبع سنوات كأنها عند الله سبعة قرون، هذا الذي لما توفي اهتز عرش الرحمن له، وسند هذه القصة صحيح، حتى قال حسان بن ثابت:

وما اهتز عرش الله من موت هالك سمعنا به إلا لـ سعد أبي عمر

سعد بن معاذ الذي لما مات شيع جنازته سبعون ألف ملك فقال سعد: يا رسول الله! أخبرنا من هو، إن كان منا قتلناه، وإن كان من إخواننا من الخزرج سوف ترى ماذا نفعل يا رسول الله.

فقام سعد بن عبادة سيد الخزرج الغيور الذي سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: {يا رسول الله! إذا وجد الرجل منا مع امرأته رجلاً فماذا يفعل؟ قال عليه الصلاة والسلام: يستدعي أربعة فيشهدهم عليه، قال: سبحان الله! أبقى حتى أدعو أربعة وأشهدهم على زوجتي؛ والله لأضربنه بالسيف وإياها، فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ والذي نفسي بيده إني لأغير منه وإن الله أغير مني} وقد شرح هذا الحديث ابن تيمية في كتاب الاستقامة وهو من حديث ابن مسعود.

فقال: سعد بن عبادة أنت تستطيع أن تدخل في قبيلتك، أما الخزرج والله لا تستطيع أن تفعله لا أنت ولا أمثالك، فقام أسيد بن حضير وهو قريب سعد بن معاذ فقال: أنت منافق تدافع عن المنافقين والله لنقتلنه وإن كان من قبيلتك، فارتفعت أصواتهم في المسجد، فقام صلى الله عليه وسلم فأسكتهم وخرجوا من المسجد، وحدثت مصيبة أخرى يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:١٠٠ - ١٠٣].

خرج الناس وعادوا إلى بيوتهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>