ليس على الله بعزيز أن يعيد من أمثال أسلافنا أمة تعبد الله، وتوحده، وتعيش وتموت له، فوالله الذي لا إله إلا هو، إن الذي يعيش لغير الله لا يوجد أحقر منه في الناس، فهو لا يساوي فلساً واحداً، وأن حقارته قد أجمع عليها العقلاء، ففرق بين أن تعيش وأن تحيا لله، وأن تحيا لشهواتك ولهواك.
يقول ابن تيمية رحمه الله:"المؤمن يولد مرتين، والكافر يموت مرتين "، فأما ميلادك الأول: فيوم ولدتك أمك، يوم سقط رأسك على هذه الأرض:{هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}[الإنسان:١ - ٣].
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا
يوم ولدتك أمك ولدتك وأنت تبكي؛ كأنك أتيت من السعة إلى الضيق، وكأنك تبكي من هذه الحياة الدنيا، فيقول القائل: فاعمل لنفسك، أنك إذا أتيت عند سكرات الموت، أن يقلب الله الحال فتضحك وأنت في السكرات ويبكي أهلك من حولك.
ولذلك يقول ابن تيمية:"المؤمن يولد مرتين، والكافر يموت مرتين: فميلادك الأول: يوم أتت بك أمُّك، وميلادك الثاني: يوم ولدت في الإسلام، ويوم اهتديت بهدى القرآن "؛ لأن الشقاء كل الشقاء أن ينصرف القلب عن القرآن، أو أن ينصرف عن ذكر الله، أو أن ينصرف عن بيوت الله تبارك وتعالى، " والكافر يموت مرتين: مرةًَ يوم أمات الله قلبه، وطبع على قلبه "، فلا يهتدي، ولا يرى النور، ولا يرى طريق الهداية، " ومرةً يوم يموت؛ فيعذبه الله عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين ".
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: " من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدى غير هدى الله، الذي أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.