للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضل التكبير والتهليل]

ذكر صلى الله عليه وسلم الحمد لله وسبحان الله وما بقي إلا التكبير، قال في حديث أبي هريرة: والرجل من بني سليم: {أنه وحده يملأ ما بين السماوات والأرض} يعني: التكبير وحده يملأ ما بين السماوات والأرض، وفي حديث علي بن أبي طالب: {أن التكبير مع التهليل يملأ السماوات والأرض وما بينهن} والله عز وجل قال في الجنة: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران:١٣٣] يقول بعض الناس: إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض فأين السماوات والأرض؟

أجاب صلى الله عليه وسلم قال: {إذا أتى الليل فأين النهار، وإذا أتى النهار فأين الليل} والله هو الحكيم الذي خلق سبحانه وتعالى، وأما التهليل وحده؛ فإنه يصل إلى الله من غير حجاب بينه وبينه، وهي أعظم الكلمات، ليس فوق الكرة الأرضية أعظم من لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأخرج الترمذي من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما قال عبد: لا إله إلا الله مخلصاً إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر} رواه الترمذي، والنسائي، وحسنه الترمذي، وهو كما قال.

وقال أبو أمامة: ما من عبد يهلل تهليلة فينهنهها شيء دون العرش، ما يؤخرها شيء حتى تصل إلى العرش {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠] وسأل أبو هريرة رسول الله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: {من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله يوم القيامة؟ قال: من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه} وقال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله؛ دخل الجنة} أي: معتقداً بها عاملاً بمقتضاها مجتنباً لما يضر لا إله إلا الله ويقدح في لا إله إلا الله من الكبائر، وأما قضية أن تقال: لا إله إلا الله باللسان ثم تكذب بالأفعال، فهذه يقولها النصراني، ويقولها اليهودي ويقولها البلشفي الأحمر، لكن لا إله إلا الله بمقتضاها.

لا، وورد أنه لا يعدلها شيء في الميزان، كما في حديث البطاقة المشهور وقد خرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وفي آخره عند الإمام أحمد: {ولا يدرك شيء بسم الله الرحمن الرحيم} وفي المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن نوحاً عليه الصلاة والسلام لما حضرته الوفاة قال لابنه: آمرك بلا إله إلا الله} والظاهر أن لنوح ابناً آخر غير الابن الذي قال: {قَالَ سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود:٤٣] فذاك ذهب في الهلاك، وهذا ابن صالح فقال: {آمرك بلا لا إله إلا الله، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله} وهذا الحديث رواه أحمد، وصحح إسناده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية وهو في مجمع الزوائد، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن موسى عليه السلام قال: يا ربِّ علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به، قال: يا موسى قل: لا إله إلا الله قال: كل عبادك يقول هذا، إنما أريد شيئاً تخصني به، قال: يا موسى: لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله} وهذا الحديث رواه أبو يعلى وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر في فتح الباري مع أن في إسناده دراجاً أبا السمح، وهو ضعيف في روايته عن أبي الهيثم، وهذا الحديث منها.

وأي الكلمتين أفضل "لا إله إلا الله" أو "الحمد لله"؟

الذي يظهر أن لا إله إلا الله أفضل، قالوا: أما في الثناء فالحمد لله، وأما في الدعاء فلا إله إلا الله، أفضل الدعاء: لا إله إلا الله، وأفضل الذكر: الحمد لله، وقيل: أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله، فإن الحمد لله تتضمن معنى الدعاء، لكن من أفضل الكلمات التي قاتل عليها عليه الصلاة والسلام: لا إله إلا الله، ومن أجلها أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وشرع الشرائع، ونصب الميزان، ومد الصراط، وبنى الجنة، وجعل النار، وأقام الحجة وأقام المحجة، كل هذا من أجل لا إله إلا الله، ومن أجلها دمر الله الأرض خمس مرات، مرة بالطوفان، ومرة بالزلزال، ومرة بالصيحة، ومرة بالحاصب، ومرة بالغرق، ومن أجل لا إله إلا الله بعث الله الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهي المحجة التي يأتي بها العبد يوم القيامة، وفيها البطاقة، والله المستعان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>