العنصر الرابع: الرحمة بالمؤمنين والغلظة على الكافرين والمنافقين:
هذا مبدأ إسلامي، وأصل الاعتقاد لا يزول بمخالفة فرعية ولا بمعصية، هذه قاعدة لـ ابن تيمية رحمه الله.
صفة رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه بالمؤمنين رحيم {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة:٥٤] هؤلاء هم المؤمنون، أشداء على الكفار رحماء بينهم.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[التوبة:٧٣] لأن هناك دعوى تنشرها أجهزة الإعلام بين الفينة والأخرى، وتتكلم بها النخبة المثقفة -كما تسمي نفسها- وهي العارية عن علم الكتاب وعلم الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذه النخبة المثقفة في البلاد مثل: الضباط الأحرار في البلاد الأخرى، والأفكار واحدة، والمسار واحد، فيرددون: الوفاق العالمي، والأخوة الإنسانية، والعلاقة الدولية، والإنسان أخو الإنسان، ولا بد أن نسعى إلى بسط السلام ونبذ الفرقة أي أن المسلم واليهودي والنصراني والبوذي والماركسي كلهم تحت مظلة الوفاق الدولي، والإسلام يرفض ذلك، وليس من التشنج، وليس من الفضاضة، وليس من التنفير أن نهاجم معتقدات النصارى الصليبيين، ولا اليهود ولا أذناب اليهود ولا الماركسية بل مزيداً من تعريتهم وفضحهم، والله عز وجل قد لعنهم في كتابه سُبحَانَهُ وَتَعَالى ولعنهم رسوله عليه الصلاة والسلام.
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[التوبة:١٢٣] لكن لمَّا ذاب الولاء والبراء انقلبت الموازين، الآن يلقى الخواجة بالاحترام والشكر والتقدير، والعزايم والهدايا، والمرتب العالي، والسيارة الفخمة، والسكن في القصور، ويلقى المؤمن بالاتهام بالدروشة والفضاضة، والتنفير والغلظة حتى يقولون: إن الأشقر دائماً له من لونه نصيب، والأبيض له نبأ غريب وخبر عجيب، وتجد له كأن طابع انهزام المسلمين الداخلي من هذا المد الحضاري الذي يسمونه مد حضاري دخل عليهم حتى في المعاملات، فتجده إذا تكلم مع الخواجة تكلم بانبساط وانشراح وبشاشة وهشاشة ورضا، وإذا تكلم مع إخوانه المؤمنين إذا هو يغضب ويزبد ويرعد.
قلب بعض الناس هذا المفهوم، فتجده أحياناً مع إخوانه في مسائل خلافية ويغلظ، بينما في مسائل كبرى لا يتكلم فيها، أحياناً تجد أفكاراً علمانية تطرح في الساحة وفي الصحف والمجلات، وفي الراديو على الشاشة ولا تجد من ينتقدها أبداً بحجة الهدوء والسكينة، لكنه على إخوانه الدعاة وطلبة العلم من أشد الناس تسلطاً ومن أضخمهم عبارة.