للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مصطلحات يجب معرفتها]

السؤال التاسع عشر: ما معنى المصطلحات التالية: (الحلول، الاتحاد، العلمانية، القومية)؟

الجواب

أيها الفضلاء معرفة الشر مطلوب للمسلم؛ لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:٥٥].

عرفتِ الشر لا للشر لكن لتوقيه

ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه

وقال عمر رضي الله عنه: [[إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة من أناس نشئوا في الإسلام لا يعرفون الجاهلية، ومن لا يعرف الجاهلية لا يعرف الإسلام]].

أيها الإخوة: الحلول مذهب ضال إلحادي زنديق، حمله كثير من الناس وعلى رأسهم ابن عربي صاحب كتاب فصوص الحكم، وكتاب الفتوحات المكية، وأمره إلى الله، أما كتابه الفتوحات فقال الذهبي: "إن لم يكن فيه كفر فما في الدنيا كفر".

والحلول -تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا- يقولون: إن الله حل في بعض الناس، فيأتي بعض غلاة الصوفية المنحرفة فيقول أحدهم: حل الله في كل شيء -تعالى الله- بل الله عزوجل مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، ليس في ذاته من خلقه شيء ولا في خلقه من ذاته شيء: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة:٧] قال الإمام أحمد: أي: بعلمه.

وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] ومن اعتقد ذلك فقد ضل سواء السبيل؛ بل كفر بالله العظيم، وحده السيف يقتل كما أفتى علماء الإسلام بذلك.

الاتحاد مذهب ضال ملعون إلحادي، يقولون: إن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى اتحد في مخلوقاته، وهي دعوة ينادي بها الآن بعض الصوفية في السودان والهند، ولهم منشورات، ورأيت بعض الصحف تشيد بهذا -عليهم غضب الله وتعالى الله عما يقولون علواً كبيرا- بل الله بائن من خلقة، مستوٍ على عرشه، لا يغيب عنه شيء: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام:٥٩].

وأما العلمانية: فمذهب نشأ عام (١٩٠٢م) نشأ في فرنسا وهو انفصال بين الكنيسة وبين العلم التجريبي وسببه: أن الكنيسة حظرت على الناس أن يكتشفوا أو يخترعوا ويبدعوا، فظنوا أن كل دين سوف يعادي الاختراع حتى الإسلام، فنادوا بفصل الدنيا عن الدين، ويسمون: اللادينيون، وأدخل في العالم العربي من قديم، وأول من أدخله في العالم العربي هو: مصطفى أتاتورك -عليه لعنة الله- ويسمونه محرر تركيا!! بل هو معذب تركيا، وهو الذي أدخل الشر والبلاء، وسقطت الخلافة على يديه، وهو أول من أتى بـ العلمانية في العالم العربي تزعمها ونادى بها: أبو رقيبة في تونس -عليه غضب الله- ونادى الناس في التلفاز مباشرة ألا يتقيدوا بتعاليم الدين وأن يشربوا في رمضان.

والعلمانية تقوم على أمور:

منها: أن الدين سبب تأخر الشعوب؛ فيسمونه رجعية وتخلفاً.

ومنها: أن الدين أمر خاص، ولذلك لا يريد العلمانيون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنهم يرونه تدخلاً في حريات الآخرين، وجرحاً لمشاعر الآخرين، ويرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخالف لحقوق الإنسان، فيحاربون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقولون: الدين لك شخصياً، أنت لك أن تصلي وتصوم، وأما أن تتدخل في الدنيا والقوانين، وفي التعليم والإعلام، وفي الرأي العام، وفي ثقافة الناس فلا يجوز لك ذلك، وهذه هي محاربة الله عز وجل نهاراً جهاراً بل الدين يدخل في كل شيء، قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠].

أيها الإخوة: ومن أساليب العلمانية: أن أهل العلمنة قد يصلون بعض الصلوات؛ فيصلون العيد والاستسقاء، وقد يمدح الإسلام في خطبة عامة؛ لكن لا يعتقد نفع الإسلام ولا يعتقد أثره، ولا يحترم أهله، ولا يرى له مكانة في الأرض، ويرى أن الإسلام ليس وفياً، ولا يستطيع أن يقوم بحقوق الناس ولو ادعى بلسانه، ولذلك تجد بعض العلمانيين يصلون العيد والاستسقاء، وقد يصلي الجمعة لكن لا ينفعه ذلك عند الله، وفي قلبه زيغ ومرض وكفر دخيل والعياذ بالله.

وسميت علمانية قيل: لأحد سببين: أنها تدعو إلى العلم ليكون إلهاً، فهي تنادي أن العلم كل شيء، والعلم إذا انفصل عن الإيمان كفر، فهناك إله يعبد من دون الله اسمه: (العلم) طاغوت صنم وهي العلمانية، يجعلون العلم معبوداً، والعلم يوم ينحرف عن الإيمان سوف يكون زندقة وزيغاً، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في المقارنة بين العلم والإيمان: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ} [القصص:٨٠].

قبل أن تجتاح الكويت كان هناك جريدة في الكويت -جريدة مؤسفة ومخزية- اسمها: الهدف، نشرت في أول صفحة لها تقول في الاستفتاحية: امرأة من فنزويلا تلد كلباً، أتدري كيف جاء؟

لقحت هذه المرأة بمني كلب، العلم يوم انحرف عن الإيمان وقع في هذه النتيجة وإلا فالإيمان يقول: حرام مني الكلب أن تلقح به المرأة عند أهل العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم، فعندما لم يرتبط العلم بالإيمان يبلغ إلى هذه النتيجة وإلى بحوث أخرى كلها تخالف العقل والنقل.

وقيل: العلمانية اللادينية -أي: لا دين- وينادون بمسخ الدين من الشعوب، وترك الشعوب بلا دين.

هذا ياسر عرفات يقول: " إذا قامت دولة لـ فلسطين فسوف أجعلها علمانية " فعسى الله أن يقيم دولة الإسلام ولا يرينا وجه ذاك المجرم.

بل لا يفتح فلسطين إلا موحدون صادقون مؤمنون، ولن تعود فلسطين أبداً على هؤلاء ولو حملوا ألف راية، وقد جربناهم أربعين سنة وهم لا يجيدوا إلا المعاريض والشجب والتنديد والاستنكار أما القتال فلا يجيدونه، ما يجيده إلا مثل صلاح الدين الذي يحمل بطاقة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] وهوية لا إله إلا الله.

رفيق صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمر

رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم وجيشك في حطين صلوا وكبروا

تغني بك الدنيا كأنك طارق على بركات الله يرسو ويُبْحِرُ

أما هؤلاء فلا.

يقول المجاهدون الأفغان: إذا انتهينا -إن شاء الله- من فتح كابل نأتي إلى فلسطين، وهم:

أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا

وهذا معروف، روسيا أقوى من إسرائيل، والمجاهدون الأفغان أقوى من العرب؛ لأنهم يحملون لا إله إلا الله، في مساجد كابل لما فوجئوا بالهجوم الشيوعي ماذا فعلوا؟ أخذوا السلاح وخرجوا وقالوا:

نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا

قرأت مقالة في صحيفة هناك: أن ياسر عرفات عرض لـ سياف التدخل لمصالحة بينه وبين روسيا، فكتب له سياف، وقال: أما أنت فلك خبرة في بيع الأراضي، أما في استرداد الأراضي فليس لك خبرة فنرجو ألا تتدخل.

وأما القومية: مذهب أرضي ونزعة كافرة إذا انفصلت عن الدين، وهي تدعو إلى أن يكون لكل قوم شعار متحد كالعروبة، الأكراد وحدهم، والأفغان، والأتراك، شعوب الأرض يكون لها اتحاداً في ما بينها واشتراك، وأول من دعا إليها ميشيل عفلق والبيطار في سوريا ونشأ عليها حزب البعث؛ فهو قومي واشتراكي بعثي، فأركان الكفر عندهم أربعة: اشتراكي في الاقتصاد، وبعثي النزعة الفكرية، وقومي ينص على القومية، وقومية العرب ليس إلا، ولذلك فهؤلاء القوميون لا يرون صلاح الدين لأنه كردي، ولا محمد إقبال لأنه هندي، ولا صهيب لأنه رومي، ولا سلمان لأنه فارسي، والله يقول: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام:٨٩] إذا ترك الرسالة هؤلاء العرب أعطيناها الأكراد، فإذا تركها الأكراد أعطيناها الأتراك، وهذا التاريخ يشهد بذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>