قال: فاستنار وجهه وسُرَّ وقام لي، وأخذ الناس يهنئونني، أي: من المهاجرين والأنصار، قال: ما قام لي إلا طلحة بن عبيد الله الأنصاري أخو الجود طلحة الفياض، قال: والله ما أنساها لـ طلحة، والله ما قام لي غير طلحة، قال: فمشى إلي وعانقني.
وهذا من إكرام الكريم، وفيه جواز القيام للوافد إذا كان لمناسبة، وأنه ليس فيه حرج، أحد أهل الفضل كان جالساً، فقدم أحد العلماء فقام له هذا الرجل، وكان هذا الرجل وزيراً وذاك الداخل عالماً، فقام الوزير، فقال العالم: لا تقم فإنه لا يجوز القيام، قال الوزير:
قيامي والإله إليك حق وترك الحق ما لا يستقيم
وهل رجل له لب وعقل يراك تجي إليه ولا يقوم
لا بأس بالقيام للإكرام، والرسول صلى الله عليه وسلم قال:{قوموا إلى سيدكم} ولما قدم جعفر الطيار، قام له صلى الله عليه وسلم وقبله بين عينه، وقال:{ما أدري بأيهما أسر، بقدوم جعفر أو بفتح خيبر وكلها مسرات} فقام طلحة بن عبيد الله، وطلحة أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن أسرة أبي بكر الصديق من بني تيم، وكان يسمى الفياض، لا يمسك شيئاً من الدنيا قليلاً ولا كثيراً، أكرم الناس، يعطي باليمين واليسار.
وذهب يوم أحد بأكثر الأجر، حتى كلما ذكر أبو بكر يوم أحد قال: ذاك يوم ذهب بأجره طلحة بن عبيد الله حتى شل يوم أحد، ضرب حتى شلت يمينه وشل نصفه هذا، فهذا طلحة بن عبيد الله الذي قام وعانق كعب بن مالك قال: ثم جلست فقال صلى الله عليه وسلم: {أبشر يا كعب بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك}.