للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تمني الموت]

السؤال الثاني: هل يجوز للمسلم أن يتمنى الموت؟ ومتى يجوز له أن يتمناه؟

و

الجواب

منع عليه الصلاة والسلام المسلم من أن يتمنى الموت، هذا من حيث الأصل، وهو أصل متفق عليه.

ففي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال من حديث أنس: {لا يتمنيَّن أحدكم الموت لضرٍ نزل به، إن كان محسناً فلعله أن يزداد إحساناً، وإن كان مسيئاً فلعله أن يتوب} فالأصل أن لا تتمنى الموت، واعلم أن عمر المؤمن لا يزيده إلا خيراً عند الله.

لحديث جابر عند مسلم {المسلم لا يزيده عمره إلا خيراً} وعند أحمد في المسند من حديث طلحة: {أن رجلين أسلما عند الرسول عليه الصلاة والسلام -دخلا الإسلام سواء، في يوم واحد، وفي ساعة واحدة، مسلم وأخوه أسلما عند الرسول عليه الصلاة والسلام- فقتل الأول شهيداً في سبيل الله، ومكث الآخر بعده أربعين يوماً ثم مات -هذه رواية أحمد - فرأى طلحة الرجلين بينهما في الجنة أربعون درجة، فسأل الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: كم تخلف ذاك بعده؟ قالوا: أربعون يوماً يا رسول الله، قال: كم صلى فيهن من صلوات؟ فحسبوها.

قال: فإن الله رفعه بصلواته التي صلاها بعد أخيه، هذه الدرجات} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، والحديث حسن، والمقصد أنه إذا أصابك ضرٌ، أو مرض فلا تتمنى على الله الموت، أو أن يتوفاك؛ لأنك لا تدري ما الخير، والخيرة فيما اختار الله.

تنبيه: ذكر أهل السنة كـ الطحاوي وابن كثير والذهبي: أن عمر رضي الله عنه وأرضاه لما حج آخر حجة حجها، رفع يديه عند الجمرات، وقال: [[اللهم إنها كثرت رعيتي، ورق عظمي، ودنا أجلي، فاقبضني إليك غير مفرط ولا مفتون.

اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وفي بلد رسولك]].

و

السؤال

لماذا يتمنى عمر الموت، والرسول عليه الصلاة والسلام لم يتمناه؟

و

الجواب

عند أهل السنة بجوابين:

الجواب الأول: لم يتمن عمر الموت، ولم يحدد وقته، وإنما تمنى الشهادة في سبيل الله؛ وتمني الشهادة مطلوب، وهي من أفضل الأعمال، وقد قال عليه الصلاة والسلام: {من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه} رواه مسلم.

بينما تجد الرياء والسمعة إذا دخل في العمل لا ينفع، حتى لو قتل الإنسان في الجبهة، وهو مراء فلا ينفع، بينما إذا صدق ومات على فراشه فهو شهيد وعند أحمد في المسند بسند حسن: {ربَّ قتيلٍ بين الصفين الله أعلم به، -وفي لفظ- الله أعلم بنيته} فقد يكون مرائياً، وصح عنه عليه الصلاة والسلام: {أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة، منهم: المجاهد الشهيد -فيما يظهر للناس- الذي قتل في المعركة، وقاتل رياءً وسمعةً ليقال: جريء، وقد قيل، فيقال: خذوه إلى النار}.

والجواب الثاني: أن المرء إذا تحقق أنه وقع في فتنة، وأن الناس قد فتنوا فله أن يطلب من الله أن يتوفاه، وقد دل على ذلك نصوص كإخباره عليه الصلاة والسلام، أن المؤمن في آخر الزمن من كثرة الفتن يمر على القبر فيقول: {يا ليتني مكان صاحب هذا القبر من كثرة الفتن} من قلة من يقول: لا إله إلا الله، ومن قلة من يعترف بأوامر الله، أو يكف عن محارمه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>