للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضل الصحبة ومنزلة الصحابة]

السؤال

إذا خاطبت الناس عن الرجوع إلى الله واستشهدت بحياة الصحابة، قالوا: هم تفرغوا وليس لهم إلا الدين ونشره، وليست لهم أعمال فهم متفرغون لذلك حتى بلغوا هذه المنزلة، وأما نحن فلنا أعمال ومشاغل كثيرة، فكيف نرد على أمثال هؤلاء؟

الجواب

أولاً: اعلم أنه لا نجاة ولا سعادة ولا فلاح إلا باتباع ما سلكه أولئك القوم {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠] ثم اعلم أنه لن يوجد مجتمع متكامل في الأرض ولن يوجد ولن يتكرر كمجتمع الصحابة، جيل اختاره الله عز وجل، جيل متكامل، جيل قرآني فريد لحمل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم اعلم أن فضل الصحبة درجة عالية لا يمكن أن تدركها أنت ولا أنا، فإنه لو أنفق أحدنا كـ أحد ذهباً وفضة ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، ولكن للعامل الصابر في آخر الزمن أجر خمسين من الصحابة، أما فضل الصحبة فلا يرتقي إليها أبداً.

ثم اعلم أنه لا يطلب منك أن تكون كـ أبي بكر في بذله، فهيهات!

ألا لا أحب السير إلا مصعداً ولا البرق إلا أن يكون يمانيا

فلن تستطيع ذلك فأرح نفسك، ولكن كما قال أنس أن رجلاً قال: {يا رسول الله! متى الساعة؟ قال: ماذا أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت قال أنس: فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ولم أعمل بعملهم} فاعلم أنك لن تبلغ ذاك المستوى، لكن عليك بحبهم والتسديد والمقاربة كما قال الشافعي:

أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة

رابعاً: اعلم أنه إذا كان لديك شيء يشغلك عن طاعة الله، وتعتذر به أنك لن تبلغ ما فعله الصحابة من الفرائض، أقول: فهو شؤم عليك ونكبة وحسرة وندامة، والذي يقول: نحن لا نستطيع أن نقيم الفرائض في هذا العصر فاعرف أنه قد دخل قلبه إلحاد وزندقة وكفر، فإن الفرائض هي الخط الدفاعي الأخير ضد الكفر، ومن ترك الآداب عاقبه الله بترك النوافل، ومن ترك النوافل عاقبه الله بترك الفرائض، ومن ترك الفرائض ابتلاه الله بالكفر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>