القضية الأولى: هذه طريق الأنبياء والرسل؛ انظروها وتأملوها ما أصعبها، وما أشدها، وما أقواها، وما أشد ضريبتها! ولكن ما أحسن حلاوتها، ونتيجتها وعاقبتها! فيا من تقدم في طريقهم انتظر شيئاً مما أصابهم، وانتظر شيئاً من نتائجهم، واعلم أن هذا الطريق طريق التضحيات، فما دام الكافر يضحي بتضحيات، فأنت مسلم أولى بأن تضحي في سبيل الحق، قل:
فإما حياة نظم الوحي سيرها وإلا فموت لا يسر الأعاديا
رضينا بك اللهم رباً وخالقاً وبالمصطفى المختار شهماً وهاديا
القضية الثانية: أن الناس عندهم إيمان نظري بلا إله إلا الله، ولكن ينقصهم الإيمان العملي، وهذا لا يأتي بالدرس على السبورة، ولا بالمذاكرة في الامتحان، ولا بقراءة فتح المجيد وفتاوى ابن تيمية لكنه يأتي بالواقع، واللدغات، والصراع، والنكبات، حتى تعي العقيدة وعياً حياً لا تنساه أبداً.
القضية الثالثة: أن علينا أن ننقل هذا الدين كما نقله صلى الله عليه وسلم، ولا ننتظر نصراً نقطفه نحن، فقد يتأخر، ولكننا يكفينا انتصاراً أننا بذلنا وتكلمنا وأعطينا وأسدينا، فإذا فعلنا ذلك فلا نقول: لماذا لا ينتصر العالم الإسلامي الآن؟ فالله عز وجل أعلم، وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً، والعلم عنده سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وكل شيء عنده بحسبان، وكل شيء عنده بأجل مسمى ولِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ، والله هو العليم سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
هذا ما حضرني في هذه العجالة مع رسولنا صلى الله عليه وسلم.
وأسأل الله عز وجل كما اجتمعتم حباً له صلى الله عليه وسلم ولتسمعوا الكلام عنه، أن يجمعنا وإياكم به صلى الله عليه وسلم في دار الكرامة، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، وأن يسقينا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبداً، وأن يثبتنا على سنته حتى نلقى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شر أنفسنا، وأن يجعلنا من أنصار دينه، ومن حملة كتابه، ومن المنتصرين لمبادئه، ومن الذابين عن حرمات دينه.