للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة محمد بن واسع مع قتيبة بن مسلم]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه وسلم.

هذه قصة محمد بن واسع، وقد خرج يجاهد في سبيل الله، فافتقده قتيبة بن مسلم فأرسل الجنود يبحثون عنه، فوجدوه قد رفع طرفه إلى السماء وقد اتكأ على قوسه، ورفع سبابته وهو يقول: يا حي يا قيوم!

يا حي يا قيوم! يا حي يا قيوم! فعادوا يخبرون قتيبة بن مسلم بما وجدوه، فدمعت عيناه فرحاً وهو يقول: أبشروا فوالذي نفسي بيده لأصبع محمد بن واسع أحب إلي من مائة ألف سيف شهير، ومن مائة ألف شاب طرير في سبيل الله.

وينتصر المسلمون بإذن الله، وبعد المعركة يؤتى إلى قتيبة بن مسلم بشيء من الذهب كرأس الثور فيقدم بين يديه فيقول لوزرائه: هل تظنون أحداً من المسلمين يأبى إذا دفعنا له هذا الذهب؟ فيقولون: ما ندري، قال: والله، لأخبرنكم أن في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من لا تساوي الذهب والفضة عنده التراب الذي يطؤه بأرجله، ثم قال: عليّ بـ محمد بن واسع.

فذهبوا إلى محمد وإذا هو يصلي في خيمته ويبكي قالوا: الله نصر الإسلام والمسلمين وأنت تبكي في خيمتك.

قال: نعم.

لأن ثواب الشكر العبادة والذكر أو كما قال.

قالوا: القائد قتيبة يريدك، قال: وماذا يريد مني قتيبة وأنا خرجت لله وأعود لله عز وجل؟ قالوا: هو الأمير فقد أمرك، فاستعان بالله ودخل على قتيبة في خيمته، فدفع له قتيبة هذا الرأس من الذهب وقال: خذه وتمول، فأخذه وقام من الخيمة.

فاحمر وجه قتيبة ووجوه الوزراء، ثم قال: قتيبة في نفسه: اللهم لا تخيب ظني فيه، كيف يأخذ الذهب وهو أزهد الناس وأعبدهم وأعلمهم في عصره بالله عز وجل، فيقول: لأحد جنوده اذهب وراءه وتلفت ماذا يصنع بهذا الذهب.

قال: فحمله بين يديه، فمر به مسكين يسأل الجنود والجيش فدفع إليه الذهب فمر، فاستدعى قتيبة هذا المسكين فقال: ادفع إلينا المال ثم دعا الوزراء وقال: هذا محمد بن واسع الذي أخبرتكم أن الله ينصرنا بدعائه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>