[قصيدة للشيخ العشماوي بعنوان: حوار أمام بوابة الهزيمة]
االآن فمع سَبْحٍ شعري جميل، مع سادة الكلمة وحسان الصحوة، مع أبي أسامة عبد الرحمن بن صالح العشماوي.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
كنت أودُّ أن ألقي عليكم في هذه الليلة قصيدتي التي بعثت بها إلى سماحة الوالد الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ولكنني آثرت ألا ألقيها؛ لأنني أعلم أن المدح يضايقه، ونحن لا نمدحه إلا لأنه يستحق ذلك منا وأكثر منه، ولهذا فلن ألقي القصيدة حتى أريح نفسية شيخنا جزاه الله خيراً هذه الليلة.
وألقي عليكم إحدى القصائد التي وقع عليها اختياري هذه الليلة وما اخترتها بعمق، ولكنني وجدتها قريبة مني عنوانها: "حوار أمام بوابة الهزيمة":
طاب المكان وطاب فيه مقام وتفتقت عن زهرها الأكمام
وجرت سواقي الحب ينبت حولها نخل وترتع حولها الأغنام
والشمس تعزف للروابي نورها فيذوب طلٌّ تحتها وغمام
والأرض تروي بالنبات حكايةً خضراء يكبر عندها الإلهام
صور من الأحلام تثلج خاطري ولقد تسرُّ العاشق الأحلام
صور رسمت أمام قلبي لوحة منها لعلَّ جراحه تلتام
صور وتنسفها وقائع أمتي نسفاً ويبتلع المكان ظلام
وعلى رصيف الليل طفل واجم ٌ نظراته نحو القلوب سهام
وسؤاله الملهوف يحرق مهجتي أو ليس ديني يا أبي الإسلام
أو ليس منهج أمتي قرآنها فبه لها في العالمين مقام
أو ليس قدوتنا الرسول محمد تهدى إليه صلاتنا وسلام
أو ما لنا في المجد ألف حكاية تعبت على تدوينها الأقلام
أو ما جرت أنهارنا رقراقة بالخير ترفع فوقها الأعلام
أو ما لدينا النبع يصفو ماؤه وعليه من شغف القلوب زحام
أولم نكن جسر النجاة لعالم يشقى به الضعفاء والأيتام
أولم تصغ بدر بداية مجدنا لما تهاوت عندها الأرقام
ألفٌ تقابل نصف ألفٍ إنها لأدلة للواهمين تقام
أولم يقم بالفتح صرح عقيدة في صدرها للمكرمات وسام
أو ما ترى في الكون صوت بلالنا وعلى صداه تهاوت الأصنام
أولم تكن ذات السلاسل لوحةً مرسومة وإباؤنا الرسام
أو ما رأى اليرموك كيف استبشرت ببزوغ فجر المسلمين الشام
أولم تكن للقادسية قصة أدلى بوصف شموخها التمتام
أولم نعلق في المدائن شمعة بيضاء فر أمامها الإظلام
أولم نلقن قيصراً وحشوده درساً تَحار أمامه الأفهام
أولم ندع كسرى على إيوانه يبكي وتأكل صدره الآلام
أولم يسلم جاذويه سلاحه فرقاً ويندب حظه بهرام
أولم تخض بحر البطولة خيلنا وبقلب أندلس لها إعظام
أولم تقل للصين خيل قتيبة جئنا يزف صهيلنا الإقدام
أولم تصغ حطين لحناً خالداً تهفو إلى أنغامه الأنغام
أولم تكن في عين جالوت لنا همم لردع المعتدين عظام
أو هكذا ننسى المفاخر مثلما يُنسي الصغير هوى الرضاع فطام
أو هكذا أبتاه تسكر أمتي سُكراً يقدم كأسه الإعلام
أو هكذا توهي عزائم جيلنا قصص تصور فحشها الأفلام
قل لي أبي: أنظل نأكل خبزنا وعليه من دمنا المراق إدام
قل لي أبي: أنظل نشرب ماءنا والقدس يهتك عرضها وتضام
قل لي أبي: أيبيت طفلٌ ساهراً في كفه حجر ونحن ننام
ورمت عيون المخبرين وراءه وعلى شفاه الصامتين خطام
سكتوا لأن السيف مسلول إذا نطقوا بما لا يرغب الأقزام
سيفان يا أبتاه: سيف عدونا صلتٌ وسيف سلَّه الحكام
وغرور أمريكا أحال رجالنا خشباً تسمر فوقه الأحلام
عقب الشيخ ابن باز رحمة الله عليه في هذا المكان وقال: لو تغير البيت يكون طيب -أي: البيت الذي فيه كلمة أمريكا -، فقال العشماوي: طيب جزاك الله خيراً نغيره إن شاء الله.
أو ما لنا أبتاه عزم صادق أو ليس بين صفوفنا مقدام
أو ما لنا في السلم نهج واضح أو ما لنا وقت الحروب حسام
أو مالنا في عالم اليوم الذي يجري طريق واضح ونظام
أبتاه! هذا بيتنا قد هدمت جدرانه وأمامنا الهدام
أبتاه! هذا جسم أمتنا سرت فيه اللظى واستشرت الأورام
أبتاه! هذا درب أمتنا شكا فيه الثرى ما تصنع الألغام
كفر وربك يا أبي ينوي بنا شراً ونحن كأننا الأنعام
قل لي أبي: أنظل نلعق صمتنا وعلى الأنوف مذلةٌ ورغام
أنظل نخفض للصليب رءوسنا وينام فوق فراشنا الحاخام
أو هكذا أبتاه ننسى ديننا ويزيحنا عن رشدنا استسلام
كان الأب المسكين يحبس دمعه ولحزنه بين الضلوع ضرام
أبني لا تنطق فقد ألجمتني أواه كم يؤذي الكريم لجام
هذي هي الأمراض قد فتكت بنا في عصرنا ودواؤها الإسلام
فقال الشيخ للعشماوي: إن الأبيات طيبة ولكن طلب من العشماوي أن يصلح من الأبيات بعض الشي، فقال العشماوي له: سأغير إن شاء الله ما استطعت.
(المقدم)
لا فض الله فاك!