فضل العبادة يتفاوت بالحسن والإخلاص وليس بالكثرة، قال عز من قائل:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[الملك:٢] ولم يقل: أكثر عملاً، فالجودة هي المطلوبة في العبادة وحسن العمل كما قال الفضيل: هو أصوبه وأخلصه، قالوا: يا أبا علي! ما أصوبه وأخلصه؟ قال: الخالص أن يكون لوجه الله عز وجل، والصواب أن يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففضل العبادة يتفاوت بالإخلاص وبالحسن وليس بالكثرة، ولذلك يقول ابن القيم في مدارج السالكين: قد يقوم عبدان في صفٍ واحد -مصليان في صفٍ واحد- هذا بجانب هذا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض، لما في قلب ذاك من إخلاص وإنابة وخشوع وخضوع.
ولذلك بعض التابعين كانوا يصلون في اليوم ثلاثمائة ركعة كما أثر عنهم، أو مائة ركعة وليسوا بأفضل من الصحابة، والصحابة أقل منهم نوافل كما عُهد ونقل، لكنهم كانوا أخلص وأصدق، وأصوب وأحسن {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[الملك:٢] فالكثير مطلوبٌ إذا وافقه الصدق والإخلاص، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لـ ربيعة بن كعب الأسلمي:{أعني على نفسك بكثرة السجود} وقال في حديث ثوبان: {فإنك لن تسجد لله سجدةً إلا رفعك بها درجة} فالكثرة تحمد إذا وافقت الإخلاص والصدق والصواب.