[تواضع عمر]
وكان متواضعاً لله, وحمل الدرة وأدب بها، عنده عصا اسمها: "الدرة" يخرج بها الشياطين من الرءوس، وكان يؤدب بها أمراء الأقاليم، وكان يحكم اثنتين وعشرين دولة من الدول الإسلامية اليوم يحكمها من المدينة، وكان إذا سمع بصيته كسرى وقيصر ارتعدوا على كراسيهم كما يقول محمود غنيم شاعر وادي النيل:
مالي وللنجم يرعاني وأرعاه أمسى كلانا يعاف الغمض جفناه
لي فيك يا ليل آهات أرددها أواه لو أدت المحزون أواه
كم صرفتنا يدٌ كنا نصرفها وبات يملكنا شعبٌ ملكناه
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدمٌ له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه
قال ابن كثير: "وكان عمر خشن العيش، وكان قليل الضحك، لا يمازح أحداً، وكان منقوشاً على خاتمه (كفى بالموت واعظاً يا عمر).
يقول المتنبي:
أرى كلنا يبغي الحياة بجهده حريصاً عليها مستهاماً بها حبا
وحب الجبان النفس أورده البقا وحب الشجاع الحق أورده الحربا
وكان يقول عليه الصلاة والسلام: {أشد أمتي في دين الله عمر} كان عمر يبكي على المنبر ويقول: [[لا يحل لي من مال الله إلا حلتان: حلة للشتاء وحلة للصيف]] وصعد عام الرمادة ليتكلم إلى الجماهير وليخطب، فقرقر بطنه من الجوع، أمعاؤه لم تجد لحماً، لم تجد خبزاً، وهو يملك الملايين المملينة من الذهب والفضة، لكنه يخاف من نارٍ تلظى، فقال لبطنه: [[يا بطن! قرقر أو لا تقرقر! والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين]].
قال معاوية رضي الله عنه: [[أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته الدنيا وما أرادها، وأما نحن فتقلبنا في الدنيا ظهراً لبطن]].
وقال عمر وقد قيل له: لو أكلت طيباً؟ قال: [[ما لي وللدنيا! إني تركت صاحبي -أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر - على جادة، ولا أريد أن أخالفهما عن تلك الجادة]].
لبست رخيص الصوف خوفاً لعله ستلبس في أخراك من سندسٍ خضر